تفاقمت المخاوف في تونس من توجّه البلاد إلى نادي باريس خاصةً بعد أن تجاوزت ديونها الخارجية سقف 100 مليار دينار، وتراجع تصنيفها السيادي من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية سلبية.
ملاحظة: نادي باريس هو مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين مموّلين من 20 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم، وهي مجموعة تقدم خدمات مالية مثل إعادة جدولة الديون للدول المديونة بدلا من إعلان إفلاسها. الدول المديونة غالبًا ما يتم التوصية بها أو تسجيلها في النادي عن طريق صندوق النقد الدولي بعد أن تكون الحلول البديلة لتسديد ديون تلك الدول قد فشلت.
وفي تقريرٍ حديث، توقع "بنك أوف أمريكا" المتخصص في الاستشارة وإدارة المخاطر أن تصل فجوة التمويل الخارجي إلى 5.6 مليار دينار (1.9 مليار دولار) خلال الربع الرابع من السنة الجارية، مشيرًا إلى إمكانية عجز تونس عن خلاص ديونها مع تسجيل نقص في مواردها المالية، ومحذرا من فرصة اللجوء إلى نادي باريس.
واعتبر البنك الأمريكي أن غياب الوضوح على مستوى السياسة الاقتصادية المتبعة في تونس سيقلل من فرص نجاح البلاد في إدارة التفاوض مع صندوق النقد الدولي في المدى القصير على الأقل.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كشف تقرير لمؤسسة ''هاينريش بل''، أن معدل الدين التونسي بلغ حوالي 100% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، مقابل 40% سنة 2011.
نسب تضخم مرتفعة والشعب يكتوي من غلاء الأسعار:
ارتفعت نسبة التضخم السنوي في تونس للشهر الثاني على التوالي، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 6.4 بالمائة صعودا من 6.3 بالمائة خلال الشهر السابق له.
وأرجع المعهد التونسي للإحصاء في بيان، الأحد، الارتفاع، إلى زيادة أسعار مجموعة مواد وخدمات النقل من 4.9 بالمائة في أكتوبر إلى 5.4 بالمائة خلال نوفمبر، بالتزامن مع صعود أسعار النفط الخام ومشتقاته.
كذلك، صعدت أسعار مجموعة مواد وخدمات التعليم من 7.8 % في أكتوبر، إلى 9.1 % في نوفمبر؛ بينما سجلت أسعار المواد الغذائية تراجعا طفيفا إلى 6.9 % في نوفمبر الماضي نزولا من 7.0 % في أكتوبر.
ما الذي يعنيه التوجه إلى نادي باريس؟
قال الخبير الاقتصادي "عز الدين سعيدان" في حديثه لوكالة إعلامية روسية، إن توجه تونس إلى نادي باريس فرضية واردة جدا، خاصة وأن العديد من التقارير ومواقف صندوق النقد الدولي شددت على ضرورة خوض مفاوضات مع الدائنين قبل الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف الخبير: "إذا لم تتمكن الدولة التونسية من سداد ديونها في مناسبة أو أكثر سيتم استدعائها لهذا النادي للتفاوض معها في إطار ما يسمى "مفاوضات إعادة جدولة الدين"، بشكل يسمح بتأجيل سداد الدين إلى عشر أو عشرين سنة حسب الإمكانيات المتاحة."
وتابع "ولكنّ تونس ستكون مجبرة في المقابل على تقديم برنامج إصلاحات لإخراج البلاد من الوضع الاقتصادي والمالي المتأزم وإرجاعها إلى المسار الذي يمكّنها من سداد ديونها بصفة طبيعية. وإذا لم يكن لتونس طرح مقنع للإصلاح فسيتحتم على الدائنين فرض برنامج إصلاحات على الدولة التونسية".
ولفت "سعيدان" إلى أن تونس ستخسر عدة مكاسب إذا ما دخلت نادي باريس، وهو أنها ستصبح ولأول مرة منذ الاستقلال إلى اليوم على قائمة الدول التي لجأت يوما ما إلى إعادة جدولة ديونها، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو سيكبد الدولة التونسية في المستقبل كلفة تداين أغلى من تلك التي تتكبدها الدول التي لم تلجأ إلى هذا النادي.