يواجه الصناعيون في عاصمة الاقتصاد السورية حلب، ارتفاعاً كبيراً في التكاليف الضريبية، بحيث أصبحت الكثير من المنشآت مهددة بالتوقف الكامل عن العمل.
في هذا الصدد كشف الصناعي السوري "محمد طيب العلو" أن العديد من المنشآت الصناعية في حلب توقفت بالفعل عن الإنتاج، واصفاً ذلك بالجور الضريبي الذي فرضته وزارة المالية، منذ أرسلت لجنة تكليف جديدة وغيرت من تقدير كمية الإنتاج وبالتالي من نسب الاقتطاع الضريبي على المنشآت.
وأضاف "العلو" في تصريحاتٍ سابقة لصحيفة "العربي الجديد"، أن صناعة حلب "في خطر" بواقع قلة المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي وتراجع القدرة الشرائية للسوريين، "وفوق كل معاناة الصناعيين الذين لا يشغلون منشآتهم لأكثر من خمس ساعات يومياً، جاءت ضربة الضرائب التي وصلت في بعض المنشآت، إلى مليارات الليرات سنوياً".
وضرب الصناعي السوري مثالًا بشركة "دهمان للبلاستيك"، التي أعلنت توقف الإنتاج بعد زيادة التكليف الضريبي، إضافة إلى منشآت أخرى نسيجية بمنطقة "الشيخ نجار" الصناعية، ولم تسلم المنشآت الخدمية من الخروج عن العمل مثل مشفى "هرشو".
وبيّن "العلو" أن "وزارة المالية تسعى للتحصيل بصرف النظر عن واقع العمل ومعاناة الصناعيين، وهي تعتمد حتى الآن ضريبة الأرباح على الصادرات وفق الأرقام القديمة، سواء قبل الحرب أو قبل عام كورونا، رغم أن الحكومة أوقفت كل أشكال دعم التصدير".
ضرائب بالمليارات:
في سياقٍ متصل، كان الصناعي السوري "هشام دهمان"، قد أعلن توقف مصنعه عن الإنتاج، بسبب ما وصفه بزيادة التكليف الضريبي من 230 مليون ليرة عام 2018 إلى 1.6 مليار ليرة هذا العام، رغم تراجع الإنتاج وتوقف التصدير، على حسب قوله.
واعتبر "دهمان" في تصريحات أنه "رغم الحصار والألم ورغم المعاناة، ورغم تحملنا كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية وإعادتنا إعمار مصانعنا، ومثابرتنا على الإنتاج لصنفنا المنتج البلاستيكي بكل أنواعه، نفاجأ بدخول لجنة التكليف الضريبي إلى معملي في الشيخ نجار، وتكليفها لي بمبلغ كبير من المال لا يستوعبه البنك المركزي "مليارات الليرات السورية"، معلناً من صفحته على "فيسبوك" إغلاق المنشأة الصناعية حتى نهاية هذا السنة، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، خاتماً بـ "شكرا للحكومة السورية وشكرا وزير الصناعة".
بيانات تنذر بالخطر:
تشير بيانات وزارة الإدارة المحلية والبيئة، إلى تراجع عدد المنشآت المنتجة في المدن الصناعية الثلاث بسورية "حسياء، الشيخ نجار، عدرا" خلال عام 2020 عن العام السابق، بنسبة 16% بعد توقف 400 منشأة منتجة عن العمل، ليتراجع عدد المنشآت الصناعية قيد الإنتاج في عدرا وحسيا والشيخ نجار من 2400 في عام 2019 إلى 2000 منشأة اليوم.
كما انعكس التشدد الحكومي واستمرار مخاوف رأس المال، على توقف عمليات بناء وإنشاء المنشآت الجديدة، إذ تشير بيانات الوزارة اليوم، إلى تراجع عدد المنشآت قيد البناء بنسبة 36%، وتوقفت أعمال البناء في حوالي 1460 منشأة.
ففي عام 2019 كان عدد المنشآت التي تبنى 3958 وتراجع إلى 2500 اليوم، ما انعكس بالتالي على فرص العمل، إذ تراجع عدد المشتغلين في المدن بمقدار 23 ألف عامل، وبنسبة تراجع 15%. من حوالي 147 ألف عامل في عام 2019 كانوا يعملون في المنشآت المنتجة وفي بناء المنتجات قيد البناء، وصولاً إلى 124 ألفاً.
رأي آخر في الاتجاه المقابل:
يرى المفتش المالي "إبراهيم محمد" أن جزءاً من الحقيقة يخفيه الصناعيون، وهو التهرب الضريبي، "لأنهم اعتادوا خلال سنوات الحرب على نشر أرقام الإنتاج والأرباح والتصدير كما يحلو لهم بالتنسيق مع موظفي الاستعلام الضريبي".
وأضاف للصحيفة ذاتها أن الحكومة لا تقدم للصناعيين أي دعم أو رعاية، ولكن بعض الصناعيين يتحكم بمعروض السوق الداخلية وعاش خلال الحرب، فترة ذهبية، لكنهم لا يلتزمون بتسديد الضرائب بل ولا يراعون الفقر وتراجع القدرة الشرائية للسوريين.
وفي حين كشف المفتش "محمد" أن حجم التهرب الضريبي في سورية خلال عام 2020 بلغ ألفي مليار ليرة، أكد أن سياسة الحكومة هي سياسة جباية بامتياز، ولا تفرّق بين المنشآت وطبيعة إنتاجها وتأمينها السلع للأسواق أو التصدير ورفد السوق الداخلية بالدولار.