بينما تتوالى أخبار هجرة الصناعيين... مسؤول سوري يزعم أنهم يعودون للبلد

12/10/2021

خرج رئيس غرفة صناعة حلب "فارس الشهابي" مؤخرًا بتصريحاتٍ غريبة، لاقت استهجانًا من طرف العديد من الناس. حيث زعم الشهابي أن بعض الصناعيين المهاجرين إلى مصر مسبقًا قد عادوا إلى البلد، معتبرًا أنه يجب المحافظة عليهم.

ولم يصرح "الشهابي" بأي بيانات يمكن أخذها بعين الاعتبار في هذا الصدد بل قال: "لا يهمنا العدد بقدر ما يهمنا عودتهم اليوم، ولا علم لنا اليوم بمن ينوي المغادرة أو غادر إلى مصر، وعندما نريد معالجة الهجرة الصناعية علينا أن نبدأ بـ الأمل والعمل وليس بالمزاودات."

وقد عبر الأهالي عن استغرابهم واستيائهم من هذه التصريحات ووصفها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "استخفاف بعقول الناس"، من منطلق أن البيئة الاستثمارية وفرص العمل والسوق المتاحة في مصر لا تقارن مع نظيرتها المتهالكة في سوريا.

واعتبر مراقبون بأن هذا الكلام هو عبارة عن "بروباغندا إعلامية ضعيفة يراد بها الرد على أنباء وإشاعات انتشرت سابقًا حول هجرة آلاف الصناعيين من البلد".

كيف بدأت أنباء الهجرة إلى مصر؟

انطلقت الشرارة التي تسببت بكل هذا الجدل بعد كلام الصناعي السوري "مجد ششمان"، وذلك حينما كشف أن ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالسياسة الاقتصادية الخاطئة في سوريا.

وأشار "ششمان" حينها خلال حديثه لإذاعة "ميلودي" أن ما يقارب 19 ألف صناعي غادروا مدينة حلب و28 ألفا غادروا مدينة دمشق خلال الفترة الماضية.

وأكد أنه في سوريا صدرت العديد من القرارات التي ضيّقت العمل على الصناعيين مثل القرارين 1070 و1071 اللذين عرقلا الاستيراد والتصدير، كون التعليمات غير واضحة حيث أن البضائع متوقفة عند الحدود، والتجار لا يعرفون كيف سيصدرون ويستوردون، على حد تعبيره، وأورد العديد من الأمثلة الأخرى على صعوبات العمل في سوريا.

الجدير بالذكر أن "ششمان" تراجع عن كلامه ذاك بعد هجمة واستنفار إعلامي شرس لتكذيب هذه الأرقام.

ما المميز في مصر حتى يهاجر إليها صناعيو وتجار سوريا؟

يقول أمين الجالية السورية في مصر "عمار صباغ": "تعد مصر الوجهة المفضلة لغالبية الصناعيين بسبب عدم فرض أي رسوم جمركية للدول الإفريقية والأوروبية، إضافة إلى الحجم الكبير للقوة العاملة، ووجود أراضي وكافة المقومات من كهرباء ووقود وحوامل طاقة، وهذا ما لا يتوفر في سوريا حاليا".

ولفت "صباغ" إلى أن الحكومة المصرية تقدم التسهيلات للصناعيين من كافة الجنسيات دون تمييز، من خلال السماح بالتسجيل على شركة وإعطاء الصناعي أرض يدفع ثمنها خلال مدة 5 أعوام، وبإمكانه أن يضع 40% من قيمة رأسمال المشروع، واستدانة ما تبقى بفائدة متناقصة على الجنيه المصري لمدة 5 أعوام أيضاً.

هذا وقد التقت وكالة إعلام روسية مع الصناعي "سركيس سارادوريان"، أحد أصحاب المصانع في مدينة القابون الصناعية، التي سيتم هدمها بعد صدور المخطط التنظيمي لمدخل دمشق الشمالي.

وأشار "سارادوريان" إلى أن هجرة الصناعيين السوريين إلى مصر بدأت بشكل ملحوظ خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وازدادت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة من العام الحالي بسبب الضغوط التي فرضت على الصناعيين، مشيراً إلى أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الصناعي الذي يهاجر، وخاصة في ظل الحصار الاقتصادي والافتقار للمقومات الأساسية اللازمة للصناعة، وتردي القدرة الشرائية في السوق السورية.

بينما يعاني قطاع الصناعة في سوريا... الحكومة في وادي آخر:

لم يختلف رجل الأعمال السوري "فواز عجوز" من محافظة حلب في حديثه عمّا جاء به الصناعي "سارادوريان"، إذ تساءل "عجوز" عن سبب مشاهد التردد وتجميل التصريحات لدى مسؤولي غرف الصناعة ورجال الأعمال، مشيراً إلى ضرورة الاعتراف بهجرة الصناعيين لتشخيص المشكلة.

وتابع: "إن عدم اعتراف البعض بهذا الواقع يعود إلى أسباب كثيرة، إما بسبب خوفهم على مصالحهم، أو خوفهم من الحكومة، وهذا أمر مرفوض بالطبع".

وحول المشاكل التي تعترض عمل الصناعي في حلب، ذكر "عجوز" أهم مشكلة تؤثر على صلب الصناعة، وهي عدم توفر مادة المازوت بالطرق النظامية، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، مؤكداً أن ذلك سينعكس حتماً على سعر المنتج النهائي، إضافة إلى فرض ضرائب غير محقّة من قبل وزارة المالية والتي يدفعها المواطن من جيبه عند شراء المنتج.

وتحدّث "عجوز" عن مشاكل الاستيراد وطرق التمويل والتحويل وارتفاع سعر صرف الدولار، ما يشكل عقبة على التاجر أو الصناعي، مشيراً إلى أن المسؤولين السوريين لا يعيرون اهتماماً لهذه المشاكل، بل ويسيئون أيضاً استخدام الإمكانيات المتاحة بالشكل الأمثل.

وأكد "عجوز" أن كافة التصريحات الحكومية التي تشير إلى وجود 5000 منشأة صناعية تعمل في حلب، هي تصريحات غير دقيقة، داعياً الوزراء المعنيين لمعاينة الوضع الحقيقي على أرض الواقع، مستغرباً من المحاولات الحكومية لإعادة الصناعيين المهاجرين في الخارج، دون تأمين أدنى مقومات لعودتهم.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: