في الوقت الحالي، يستخدم ملايين عملاء منصات التجارة الإلكترونية، وحتى المتسوقين التقليديين، خدمة الشراء الآن والدفع لاحقاً، والمعروفة اختصاراً BNPL، لتمويل مشترياتهم.
وأمام هذا الإقبال الذي فاق التوقعات، تتهافت الشركات الكبرى على هذه الخدمة، حيث أطلقت "باي بال" منتجها الخاص، وتتعاون "أمازون" و"أبل" مع شركة " Affirm"، فيما وافقت شركة "سكوير" على شراء شركة "أفترباي" الأسترالية في صفقة بقيمة 29 مليار دولار. وكل هذه التحولات لاغتنام هذه التقنية الجديدة.
وتروج شركات BNPL لخدمتهم كبديل أفضل من بطاقات الائتمان. لكن الخبراء قلقون من أن الكثير من الناس بهذا الشكل سينفقون أكثر مما يستطيعون تحمله وأن البعض قد لا يدرك حتى أنهم يغرقون في الديون.
ما المميز في خدمة "الشراء الآن والدفع لاحقًا"؟
تسمح خطط الشراء الآن والدفع لاحقاً، المعروفة أيضاً باسم قروض نقاط البيع، للمتسوقين بالدفع مقابل سلعهم على مدى فترة أقساط.
وعلى الرغم من قدم برامج التقسيط، إلا أن الجديد هو عدم تحميل المستهلكين بفوائد في معظم خطط الشراء الآن والدفع لاحقاً، حيث يتنازل البائعون عن جزء من هوامشهم مقابل ارتفاع متوسط الطلب عبر تمكين المستهلكين من الوصول إلى سلع لم يكن بمقدورهم الحصول عليها سابقاً.
رغم ذلك، الجدير بالذكر ان بعض شركات BNPL تولد دخلاً أيضًا من رسوم السداد المتأخر والفوائد على خطط الأقساط طويلة الأجل.
السر وراء شعبية هذه الخدمة:
أدى الوباء إلى إجبار العديد من تجار التجزئة على الإغلاق مؤقتاً ورؤية المستهلكين يقضون الكثير من وقتهم في المنزل، وهو الأمر الذي أدى إلى تسريع نمو التسوق عبر الإنترنت. ونرى ذلك جليًا في البيانات التي أكدت بلوغ إجمالي معاملات التجارة الإلكترونية العالمية 4.6 تريليون دولار العام الماضي، بزيادة 19% عن عام 2019.
وبلغت حصة شركات الشراء الآن والدفع لاحقاً نحو 2.1% من هذا الرقم أو حوالي 97 مليار دولار. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم إلى 4.2% بحلول عام 2024.
في حين أن خطط BNPL كانت تزداد بالفعل من حيث الشعبية قبل الوباء، فإن التحول في عادات الإنفاق الاستهلاكي وزيادة اعتماد التجارة الإلكترونية أعطى السوق دفعة كبيرة.
كانت هذه نعمة لعدد من الشركات في القطاع، حيث وصلت قيمة شركة "كلارنا" إلى 46 مليار دولار في جولة جمع تبرعات خاصة مؤخراً، واستحوذت PayPal على شركة Paidy اليابانية مقابل 2.7 مليار دولار واستحوذت Square على Afterpay.
ملاحظة: شركة "كلارنا" هي شركة تكنولوجيا مالية سويدية تقدم خدمات مالية عبر الإنترنت.
هل من الحكمة أن نفتح أبواب الاستدانة والقروض على مصراعيها أمام الناس؟
أحد الانتقادات الرئيسية لـ BNPL هو أنه يمكن أن يشجع المتسوقين على إنفاق أكثر مما يستطيعون تحمله. وهناك أيضاً مخاوف بشأن مدى سهولة حصول الناس على الديون، أحياناً دون أن يدركوا ذلك، نظراً لعدم وجود فحوصات ائتمانية صعبة.
تمت مقارنة هذه التقنية الجديدة بقروض "يوم الدفع" المثيرة للجدل التي تسمح بالاقتراض قصير الأجل، غالباً بمعدلات فائدة عالية. في حين أن BNPL عادة ما تكون خالية من الفوائد، لكن بعض مقدمي الخدمة يفرضون رسوماً عالية للدفع المتأخر.
فيما يجادل مقدمو BNPL أن لديهم إجراءات وقائية للتأكد من أن المستخدمين لا يفرطون في الإنفاق.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "كلارنا"، "لكل معاملة، نأخذ موقعاً جديداً وننظر في كيفية استخدام المستهلكين لهذه الخدمة". و"إذا كانوا يستخدمونها بطريقة إيجابية، فنحن قادرون على توسيع قدرتهم على استخدامها. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسنحد من قدرتهم على استخدامه أو نوقف قدرتهم تماماً على استخدامه".
لكن النقاد يجادلون بأن شركات BNPL بحاجة إلى لوائح لحماية المستهلكين بشكل كاف. حيث تسعى حكومة المملكة المتحدة إلى كبح جماح الصناعة من خلال مجموعة من المقترحات بما في ذلك فحوصات القدرة على تحمل التكاليف للعملاء. ومن المتوقع أن تصدر مشاورات حول القواعد في أكتوبر.