ارتفعت رواتب وأجور سائقي الشاحنات في بريطانيا إلى أرقام قياسية لافتة، وأصبحت لأول مرة في تاريخ البلاد تتفوق على دخول ورواتب المحامين والأطباء والمديرين التنفيذيين وكبار الموظفين وأصحاب المهن العالية والمؤهلين، وذلك في الوقت الذي يتوقع أن تواصل فيه الارتفاع بسبب الظروف التي تشهدها بريطانيا.
يحدث ذلك بينما تعاني بريطانيا منذ شهور شحًا كبيرًا في سائقي الشاحنات، حيث خشي الناس مؤخرًا من أن يؤثر عدم توافر السائقين على إمدادات الطعام والشراب والسلع الأساسية في الأسواق والمحلات التجارية، فيما يقول البعض إن سبب شح السائقين والعاملين في بعض المهن الأخرى هو الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي أدى إلى فرض قيود على العاملين القادمين من دول أوروبية أخرى.
رواتب لا يتلقاها أصحاب الشهادات والمدراء:
بحسب إعلان لسلسلة محلات السوبر ماركت الشهيرة "ويتروز" فإن الرواتب المعروضة من أجل استقطاب سائقين للشاحنات تزيد عن معدل رواتب المحامين والأطباء وبعض المديرين التنفيذيين.
ويقدم السوبر ماركت ما يصل إلى 53 ألفاً و780 جنيهاً إسترلينياً كراتب سنوي لسائقي مركبات البضائع الكبيرة، فيما تبين أن هذا الراتب المعروض للسائقين أعلى من رواتب معروضة لاستقطاب مدير تنفيذي في الشركة ذاتها حيث إن المخصص لهذه الوظيفة هو 45 ألف جنيه، بينما لدى الشركة حالياً أيضاً وظيفة شاغرة بمنصب محلل مالي مقابل 46700 جنيه إسترليني سنوياً.
وإلى جانب الرواتب المرتفعة، التي قال "ويتروز" إنها ارتفعت بمتوسط 7 آلاف جنيه إسترليني في الأشهر الـ 18 الماضية، فإن سلسلة المتاجر الكبرى تقدم أيضاً مكافأة انضمام قدرها 1000 جنيه إسترليني لكل سائق يختار العمل معهم، وذلك بحسب "التايمز".
وذكرت الصحيفة أن سائق شاحنة "ويتروز" الذي يتقاضى راتبه 53780 جنيهاً إسترلينياً سنوياً سيجني بذلك أكثر من متوسط الراتب لمعلمي المدارس الثانوية (40880 جنيهاً إسترلينياً) والمحامين (43190 جنيهاً إسترلينياً) والمهندسين المعماريين (42930 جنيهاً إسترلينياً).
ووفقاً للإعلان، فإن الوظيفة في "ويتروز" تقدم "مجموعة واسعة من الفوائد وتوازناً صحياً بين العمل والحياة"، كما تشمل بعض المزايا مثل إجازات مخفضة وإمكانية الوصول إلى نادي الأعضاء الخاص.
محلات بأكملها تغلق نتيجة نقص السائقين:
وقال تقرير لجريدة "التايمز" البريطانية إن "النقص الوطني البالغ 90 ألف سائق أدى إلى نقص الإمدادات في محلات السوبر ماركت والمطاعم وبعض المتاجر الكبرى، مما دفع بعض السلاسل الكبيرة إلى الإغلاق المؤقت لبعض الفروع أو إزالة بعض السلع من قوائمها".
لماذا وصلت بريطانيا إلى هذه المرحلة؟
ساهم انخفاض الأجور وإغلاق ثغرة ضريبية للسائقين ومضاعفات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الأزمة الراهنة، إلى جانب شيخوخة القوى العاملة والجائجة مما زاد من صعوبة تدريب السائقين الجدد، بحسب "التايمز".
وقد تكون ظروف العمل الصعبة أيضاً عاملاً في عزوف السائقين الجدد عن هذه المهنة، حيث يبلغ متوسط عمر سائق الشاحنة حالياً 55 عاماً.
وغالبا ما يُطلب من سائقي الشاحنات قضاء تسع أو 10 ساعات يومياً على عجلة القيادة، والنوم أحياناً في كابينة السيارة والاعتماد على محطات الخدمة على الطريق.
وقالت جمعية النقل البري إن الزيادات "الكبيرة" في الأجور التي تقدمها الشركات التي تحتاج إلى سائقين جدد قد تجبر رؤساء المتاجر الكبرى على نقل التكاليف إلى العملاء.
وقال "رود ماكنزي"، العضو المنتدب للسياسات والشؤون العامة في الجمعية إن النقص في السائقين يحتاج إلى إجراء حكومي عاجل، وقد عرضت الشركات حوافز أفضل وصفقات رواتب لتأمين الموظفين المحتملين.