يعتقد العديد من الخبراء والمحللون أن "الرمال السوداء" هي بمثابة مشروع قومي لمصر، وثروة كانت منسية لأمد بعيد من الزمن. أما في الآونة الأخيرة فقد نجح المصريون في الانتباه إلى تلك الثروة، وبدأت مشاريع ومخططات عديدة لاستثمارها.
وتمتلك مصر، وفقا لبيانات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري، 11 موقعًا غنيًا بالرمال السوداء، ويتم فصل تلك الرمال في أماكنها بأجهزة خاصة، ثم تتحول لمنتجات استراتيجية تدعم وتساهم بـ 41 صناعة مهمة.
وبحسب أرقام نشرها المركز على قناته في "يوتيوب"، فإن تكلفة مشروع استثمار الرمال تتجاوز المليار جنيه، وتحاول الدولة حاليا إعادة إحيائه.
باختصار... ما هي الرمال السوداء؟
يشرح الدكتور "جمال القليوبي"، أستاذ هندسة البترول والطاقة في الجامعة الأميركية، بأن الرمال السوداء هي أحد العناصر المهمة التي يتواجد بها نسبة كبيرة جدا من اليورانيوم، وتعد عنصرا أساسيًا في تصنيع الزجاج عالي النقاوة، بالإضافة إلى كثير من الاستخدامات لجميع أنواع الزجاج.
وهي رواسب شاطئية سوداء ثقيلة، تتراكم على بعض الشواطئ بالقرب من مصبات الأنهار الكبيرة، وتتركز هناك بفعل تيارات الشاطئ على الحمولة التي تصبها الأنهار في البحر.
تُستغَل هذه الرمال السوداء من أجل استخراج معادن الحديد والمونازيت، وأهم البلاد التي تستغلها الهند والبرازيل. ولها استخدامات صناعية عديدة لا يتسع المجال لذكرها جميعًا.
ثروة ثمينة لم يحسن المصريون استخدامها سابقًا:
بالحديث عن أهمية الثروات المعدنية - متضمنة الرمال السوداء - بالنسبة للناتج القومي لمصر، أشار وزير البترول المصري الأسبق "أسامة كمال"، إلى أن الثروة المعدنية هامة للغاية بالنسبة للاقتصاد، ولكنها لم تأخذ نصيبها حتى الآن، إذ أن تأثيرها يمثل 0.5 في المئة من إجمالي الناتج القومي فقط، مما يعني أنها لا تتعدى مليار جنيه، وهو رقم ضعيف جدًا.
وأكد "كمال" في تصريحات لوكالة أنباء عربية، أن كل الدلائل تؤهل الثروة المعدنية المصرية لأن تكون ثاني أو ثالث أكبر مصدر إيرادات يدر ما بين 5 إلى 10 مليارات جنيه في السنة.
ولم تسحن الحكومة الاستفادة من ذلك سابقًا "لأن القوانين والتشريعات الحاكمة في هذا الأمر إما هزيلة أو غير مطبقة عالميا" كما أكد الوزير.
ودلل على ذلك بـأن "إيجار الـ 2 مليون متر مربع في السنة يساوي 25 قرشا مصريا على سبيل المثال، وهو ما كان موجودا في القانون منذ سنة 56، ولكنه لا يصلح لأن يكون قانونا في 2020".
الفائدة الاقتصادية للرمال السوداء:
يشير الخبراء إلى أن مصر تحتضن كميات من الرمال سوداء بمعدل مرتفع للغاية كونها تطل على أكبر بحرين هما البحر الأحمر والأبيض المتوسط، وكانت تعاني من إهمال خلال الفترة الماضية.
ويعتقدون أن استثمار هذه الرمال سيصبح قيمة مضافة لا يستهان بها بالنسبة للاقتصاد المصري، لدخولها في عديد من الصناعات، وأيضا قيمة مضافة من خلال التصدير.
يأتي ذلك في وسط توقعات بأن يُحدِث مشروع الرمال السوداء، الذي تعمل الحكومة المصرية عليه حاليًا، نهضة اقتصادية خاصة في المعادن، إضافة لتشغيل العمالة، بسبب وجود معادن من الرمال السوداء يمكن استغلالها في جميع الصناعات تقريبًا.
لذا فإن الاستفادة الاقتصادية من مشروع الرمال السوداء ستكون من شِقّين، الأول من خلال استغلالها وتصنيعها وتحويلها لمعادن مختلفة، مما سيجلب تدفقات دولارية، والثاني متعلق بجذب الاستثمارات الأجنبية.
لذا فإن التوقعات متفائلة بأن الناتج المحلي الإجمالي سيزيد بنسبة كبيرة جدًا في حال حسن استغلال هذه الثروة، حيث سيرتفع من ناحية العمالة، والمعادن والصادرات، وإحصائيا سيزيد بمعدل 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يؤكد خبراء.