إذا عدنا بالزمن إلى الوراء قليلًا، حوالي 30 سنةً من الآن لا أكثر، هل سنرى عالمًا مشابهًا لما هو عليه الآن؟ الجواب بالتأكيد لا. في الواقع إن ثلاثين عامًا هي زمانٌ قصير في عمر الأمم والمجتمعات، لكنها في القرن الـ 21 فترة كافية لتحدث تغييرًا سيجعلك تعتقد نفسك في عالمٍ آخر.
من هذا المنطلق دعنا نفكر قليلًا، كيف ستكون حياتنا بعد 30 عامًا من الآن، أي في عام 2050، ما التغييرات المتوقع حدوثها حتى ذلك الوقت...؟
الإنترنت سيحكم حياتنا:
يؤكد الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) أن جميع سكان العالم تقريبًا (90% بالتحديد) - الذين سيصل عددهم إلى 9.73 مليارات شخص حينها - سيتمكنون من الاتصال بالإنترنت، وحاليا يوجد أكثر من 4 مليارات من بين 7.9 مليارات إنسان حول العالم قادرون الآن على الوصول إلى الشبكة الدولية.
وهذا يعني أنه ستكون هناك زيادة بحوالي 4 مليارات مستخدم جديد للإنترنت، كما سيزداد عدد الأجهزة اللاسلكية المتصلة بالإنترنت بشكل كبير بحلول عام 2050 لتصل إلى أكثر من 100 مليار جهاز، في حين يبلغ الرقم الحالي نحو 22 مليار جهاز.
وفي المستقبل، فإن كل هذه البيانات ستكون في متناول كل شخص، وكل فرد ستكون له بصمته الشخصية من البيانات، فبمجرد استيقاظ الناس من النوم، فإن البيانات الصحية الخاصة بكل إنسان ستكون أمام عينيه، مثل دقات قلبه، وضغط دمه، ودرجة حرارته، وإذا كانت هناك مخاطر فسيتم تنبيههم، وإبلاغ الطبيب -الذي يتعاملون معه- بشكل تلقائي عن حالاتهم الصحية التي قد يتعرضون لها.
الذكاء الاصطناعي سيتخطى الكثير من الحدود:
بوجود كمية هائلة من البيانات الصحية ومعلومات الأشخاص لا بد من الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحليلها، بحثا عن أي علامات أو مخاطر صحية قد يتعرض لها البشر، وسيساعد الذكاء الاصطناعي في اكتشاف المشاكل الصحية مقدما، وتشخيص الحالات بسرعة وكفاءة. بل ويؤكد بعض المختصين أن الذكاء الاصطناعي سيعيد تشكيل قطاع الرعاية الصحية بالكامل في العالم، وسيكون له دور محوري في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستكون مسؤولة أيضا عن تحليل الأنماط الصحية في جميع أنحاء العالم لتتبع الأوبئة وانتشار الأمراض، كما ستؤدي الأبحاث المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى تطوير علاجات وأدوية جديدة للأمراض بشكل أسرع بكثير، وهذا هو السبب في أن شركات الأدوية الكبرى تتجه حاليا بالفعل إلى استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اكتشاف الأدوية.
وكلما أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تطورا فسيكون اكتشاف العلاجات والأدوية للأمراض المستعصية أكثر سرعة وفعالية، ولهذا يتوقع اكتشاف أدوية ولقاحات لأمراض مثل الإيدز وبعض أنواع السرطان في وقت أبكر بكثير من عام 2050.
بالمتوسط...سيعيش الناس لعمر أطول:
ستتحسن الصحة في 2050 عبر طريقتين: الأولى هي انخفاض معدل وفيات الأطفال الرضع والنساء في أثناء الولادة في دول العالم النامي.
والثانية تتمثل في علاجات طول العمر التي تحارب الشيخوخة وتعكس مسارها كي يعيش الناس مدة أطول، وبصحة جيدة في دول العالم المتقدم. وذلك باستخدام روبوتات تعتمد على تقنية النانو، يمكنها الوصول إلى الكروموسومات، وتطبيق تعديلات وراثية قادرة على إبطاء عملية الشيخوخة وموت الخلايا لدى البشر.
يبلغ متوسط عمر البشر حاليا 72.6 عاما، وسيرتفع عام 2050 إلى 115 عاما وأكثر، كما تؤكد الباحثة والكاتبة "ليز ستينسون" في مقالة لها نُشرت حديثا على موقع "ألور" (Allure).
المزيد من الأمراض النفسية والعقلية:
بحلول عام 2030، من المتوقع أن يتفوق الاكتئاب والأمراض العقلية على أمراض القلب لتصبح أكبر مصدر للقلق الصحي في العالم. ومن أهم عوامل زيادة هذه الأمراض المشاكل الاقتصادية مثل الديون والبطالة، وأخرى اجتماعية مثل العنف المنزلي وضغوط العيش في المدن، إضافة إلى الحروب والتدهور البيئي والكوارث.
وسيلعب تغير التركيبة السكانية دورا أيضا فيما يتعلق بالعمر. فحسب منظمة الصحة العالمية، ستتضاعف نسبة البشر الذي يبلغون من العمر 60 عاما وأكثر إلى ملياري شخص عام 2050، وسيعاني نحو 20% من هؤلاء من أمراض الخرف والزهايمر وباركنسون وغيرها.
وسيكون الاكتئاب هو مرض العصر في عام 2050، حيث سيطغى على غيره من الأمراض، ومع ذلك فإن التقدم في علم الأعصاب، والتطور الكبير في اكتشاف وصنع الأدوية سيعني أيضا أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب سيكونون قادرين على الحصول على علاج فعال.
كلها توقعات
ولا يعلم الغيب إلا الله