تشهد مدينة مصدر في إمارة أبوظبي خلال أغسطس/ آب الجاري انطلاق أول مشروع على مستوى العالم لإنتاج المياه بكميات تجارية وبصورة متواصلة، بالاعتماد على مصادر طاقة متجددة، ما يجعل منه مشروعاً خالياً من الكربون.
وسيتم تشغيل هذا المشروع المميز من قبل شركة "أكيوفوم" الواقعة في الولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع كل من شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وذلك في إطار اتفاقية بحث وتطوير تجمع الجهات الثلاث.
إذ يركز المشروع على اختبار وتقييم أداء تقنية لإنتاج المياه من الهواء من تطوير شركة "أكيوفوم"، وذلك عند تطبيقها على نطاق واسع وبالاعتماد على طاقة متجددة، وكذلك استكشاف إمكانية توظيفها ضمن مشاريع مياه مستدامة حالية أو مستقبلية.
مشروع صديق للبيئة وطاقة لا تنفذ:
تعتمد تقنية استخلاص المياه من الجو على طاقة متجددة بالكامل، ليشكل هذا المشروع إضافة مهمة للمشاريع المستدامة والمبتكرة الواعدة التي تقام في مدينة مصدر.
وسوف تساعد هذه التقنية الخالية من الانبعاثات الكربونية على توفير المياه، التي تمثل حاجة أساسية من أجل بناء مستقبل أخضر، فضلاً عن مساهمتها في دعم تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الذي يدعو إلى ضمان توفير المياه وإدارتها بشكل مستدام وتوفير خدمات النظافة الصحية للجميع.
تقنية ستحل مشكلة مستعصية في أكثر أماكن العالم حرارةً:
ستساهم تقنية إنتاج المياه من الجو في دعم سوق من المتوقع أن تشهد نمواً سنوياً مركباً بمعدل يفوق 25% على مستوى العالم، وأكثر من 30% في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا، اللتين تتسمان بمناخات تعتبر من ضمن الأكثر حرارة في العالم حيث تزداد فيها الحاجة إلى المياه، وذلك بحسب تقرير "غوبال ماركت انسايتس".
هذا وقد أكد "عبدالله بالعلاء"، المدير التنفيذي لإدارة التطوير العمراني المستدام في "مصدر"، أن توفير المياه يشكل ضرورة أساسية لضمان صحة وسلامة الإنسان والبيئة، وكذلك لإنتاج الغذاء والطاقة، مشدداً على أهمية تطوير تقنيات تساهم في تأمين مصادر مياه آمنة.
وأضاف: "سوف يساهم هذا المشروع في تعزيز أمن المياه على مستوى المنطقة والعالم، وذلك تماشياً مع استراتيجية الإمارات للأمن المائي 2036، وباعتبار مدينة مصدر مجمع البحث والتطوير الوحيد والمعتمد في أبوظبي، فإننا ملتزمون بتوفير ما يلزم لدعم مشاريع البحث والتطوير الهادفة إلى ابتكار تقنيات جديدة نوعية تساهم في بناء مستقبل أكثر استدامة للجميع".
نظام يعتمد على رطوبة الهواء:
أفادت وكالة الأنباء الإماراتية، بأن نظام التقنية يقوم على استخراج المياه العذبة بإمداد مستمر من رطوبة الهواء ومن دون استخدام المياه الجوفية والمحلاة، مما يساهم في الحفاظ على المياه والموارد الطبيعية.
ولفتت إلى أن "جهاز استخلاص الماء من الهواء يتميز بإعادة تدوير وتوليد وفلترة وتنقية المياه واستخلاص مياه عذبة من الهواء".
وأوضحت أن "الجهاز يتبع معايير الاستدامة، حيث أنه صديق للبيئة ولا تنتج عنه أي نفايات ويساعد في تنقية الهواء من البكتيريا وتعديل الرطوبة، كما أنه محدود الاستهلاك للكهرباء ولا يحتاج لعمليات صيانة كثيرة".
كيف يمكن استخراج الماء من الهواء؟
تعتمد تكنولوجيا استخلاص الماء من الهواء على ما يعرف بمولد المياه في الغلاف الجوي (AWG) وهو جهاز يستخرج الماء من الهواء المحيط الرطب. حيث يمكن استخلاص بخار الماء في الهواء عن طريق تكثيف الهواء أو تعريضه لمجففات، أو ضغطه.
على عكس مزيل الرطوبة، يتم تصميم أجهزة استخلاص الماء من الهواء لجعل المياه صالحة للشرب، وتكون مفيدة عندما يكون من الصعب أو المستحيل الحصول على مياه الشرب النقية، نظراً لوجود كمية صغيرة من الماء في الهواء يمكن استخلاصها دائماً.
ويحتوي الغلاف الجوي فقط على نسبة تعادل 0.001% من إجمالي المياه في العالم. قد تبدو نسبة ضئيلة، ولكن من الناحية النسبية فإنها تمثل طوفاناً، إذ إنها ستة أضعاف كمية المياه الموجودة في أنهار العالم، وبالتالي يمكن أن تمثل مصدراً رئيسياً لمياه الشرب، خاصة في المناطق الصحراوية.
ويركز العلماء وعدد متزايد من الشركات التي تصنع أجهزة استخلاص الماء من الهواء على حصاد المياه من الغلاف الجوي بطرق عملية وفعالة وغير مكلفة.
لقد كتبت في هذا الصدد رواية في الخيال العلمي عنوانها “عصير الهواء” وذلك سنة 2017 وصدرت الرواية عن دار الفينيق بتونس الهادي.
ثابت