اعتاد السوريون أن سعر المواد في الأزمات يتعلق بشدة الأزمة ومدى الحاجة إلى المدى، بغض النظر عن توفرها أم لا. فحتى المواد الأساسية مثل المياه، نجدها تصل إلى أسعار قياسية وغير مسبوقة كلما طالت أزمة المياه منطقة ما. وقد اشتكى العديد من الناس في مناطق مختلفة عن وصول سعر صهريج المياه إلى أكثر من 25 ألف ليرة سورية.
على سبيل المثال، في مدينة الصنمين بدرعا، اشتكى الأهالي من أن التزود بالمياه عبر الشبكة الرئيسة يتم بالتناوب بمعدل مرة كل أربعة أيام، ومع ساعات التقنين الكهربائي الطويلة تتضاءل فرصة الكثيرين في الحصول على كمية كافية من المياه. فما يجري تعبئته يكاد لا يكفي البعض سوى لاستهلاك يوم واحد، ما يضطرهم إلى الخيار الأكثر تكلفة، وهو سد النقص عبر شراء المياه من الصهاريج.
وسجلت أسعار نقل المياه بالصهاريج ارتفاعات قياسية خلال فترة قصيرة، إذ وصلت في بعض المناطق إلى أكثر من 30 ألف ليرة للصهريج سعة 25 برميلاً، مرتفعةً من 13 ألف ليرة للصهريج في أقل من شهر.
يأتي ذلك بينما عزا أصحاب الصهاريج هذه الارتفاعات إلى النقص الحاصل في مادة المازوت اللازمة سواءً لتشغيل الآبار أو عملية نقل المياه من أماكن بعيدة أحياناً عن التجمعات السكانية، واضطرارهم إلى شراء المازوت الحر من السوق بأسعار مضاعفة وصلت إلى 3500 ليرة لليتر، على حد قولهم.
وتعالت شكاوى الناس واعتراضاتهم على الجهات المسؤولة، مطالبين بتحديد تسعيرة نظامية وموحدة لأسعار نقل المياه بالصهاريج التي رفع أصحابها أسعار خدماتهم "بشكل مزاجي"، الأمر الذي فرض على الأهالي أعباء مادية إضافية لم تكن تدخل في حساباتهم مسبقاً، ولا قدرة للكثيرين منهم على تحملها.
وبعد أن كاد الناس يفقدون الأمل من أي استجابة حكومية أو تدخل رسمي لحل الأزمة، دخلت مديرية حماية المستهلك على خط أزمة المياه مع ارتفاع الأصوات والشكاوى المطالبة بوضع حد لاستغلال أصحاب الصهاريج للأزمة.
وبين مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في درعا المهندس "حميدي الخليل" أن عناصر المديرية قاموا خلال جولاتهم الميدانية بتنظيم عدد من الضبوط التموينية بحق عدد من أصحاب صهاريج نقل المياه لعدم الإعلان عن أداء بدل الخدمات، لافتاً إلى أن العمل يجري حالياً بالتنسيق مع المؤسسة العامة للمياه وبإشراف المكتب التنفيذي في المحافظة لوضع تسعيرة نظامية لبدل خدمات نقل المياه بالصهاريج، بما يضع حداً لاستغلال أصحاب هذه الصهاريج لحاجة المواطن وستتم ملاحقة المخالفين حسب القوانين النافذة.
ودعا "الخليل" المواطنين للإبلاغ الفوري عن شكاواهم عبر التواصل مع المديرية، وشعبها في مدن المحافظة أو عبر الاتصال على الرقم 119 لمعالجتها فوراً وقمع المخالفات.
بينما اعتبر البعض أن هذه الخطوة غير كافية للكبح من جماح الأزمة، أكد مراقبون أن حل تلك المشكلة يتم باتخاذ طريقين متوازيين: أولهما توفير المازوت المدعوم للصهاريج التي تنقل المياه للناس (إذا لم تستطع الحكومة أن توفر المياه بالشكل النظامي)، وثانيهما أن يتم تحديد تسعيرات عادلة وثابتة لقاء خدمات نقل المياه وتعبئتها (عدم ترك الأسعار كيفية وعشوائية).