في الوقت الذي تعيد به الشركات الغربية الكبرى للنفط تقييم وضعها في العراق وتقوم بإخلاء مواقعها، تعمل الشركات الصينية حاليًا على استغلال الفرصة لترسيخ أقدامها خصوصا في جنوبي البلاد حيث توجد حقول نفط حازت على اهتمام الصينين.
في مقالٍ نشره موقعٌ أمريكيٌ مهتم، يصرح الكاتب "سلام زيدان" بأن العديد من شركات النفط الغربية باشرت بالتراجع من وسط العراق وجنوبه بعد وقوع منشآتها عرضة للعديد من الهجمات وعمليات الابتزاز، لتحل محلّها شركات صينية.
الشركات الغربية تغادر تباعًا:
كشف "إحسان عبد الجبار" وزير النفط العراقي في جلسة بالبرلمان، في 4 من يوليو/تموز الحالي، أن شركتي "بريتيش بتروليوم" و"لوك أويل" تناقشان وقف أعمالهما في العراق.
وهذه الظاهرة ليست بالحديثة، فخلال الأعوام الماضية، كانت شركات نفطية ضخمة أخرى قد انسحبت من العراق بالفعل، من بينها "إكسون موبيل"، و"أوكسيدنتال بتروليوم"، و"شل" التي غادرت حقول النفط في البصرة.
وكان قد أكد "عبد الجبار" في 30 يونيو/حزيران الماضي بأن البيئة الاستثمارية والأمنية في البلاد قد تدهورت، مما اضطر شركات النفط العالمية لإعادة تقييم مواقفها.
وأضاف الوزير، أن الشركات الصينية تريد شراء أسهم الشركات التي ترغب بالانسحاب من العراق، موضحًا أن مقاولا صينيا يعمل في أحد حقول النفط غربي البلاد حقق خلال المدة الماضية أرباحا تفوق مداخيل شركة "إكسون موبيل".
ويذكر الكاتب أن شركات النفط الغربية واجهت منذ توقيع اتفاقية التعاون بين العراق والصين عام 2019، في عهد حكومة عادل عبد المهدي، هجمات صاروخية متكررة. وفي الناصرية، حاصر محتجّون مقارّ عدد من الشركات وأغلقوها، كذلك أدت الاحتجاجات إلى توقف الإنتاج في بعض الحقول جنوب البلاد خلال العامين الماضيين.
الصين تستغل الفرصة للتغلغل والتدخل:
بعد أن رأت شركات النفط الغربية بان بيئة الاستثمار في العراق قد أصبحت "بيئة معادية" وغير مناسبة، دخلت الشركات الصينية على الخط بقوة.
وصرّح "يوسف الكلابي" عضو لجنة النزاهة النيابية خلال جلسة استضافها وزير النفط، أن "السفير الصيني في بغداد يتدخل تدخلًا صارخًا في عمل وزارة النفط وفي قضايا لا تتعلق بالدبلوماسية أو بحماية المواطنين الصينيين"، ولكنه لم يقدم تفاصيل بشأن هذه الادعاءات.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية إلى أن "الكلابي" قد "أشار إلى أن مجلس النواب العراقي طالب وزارة الخارجية بوقف أي تدخل من جانب السفير الصيني في عمل وزارة النفط، زاعما أن ضابطا في المخابرات الصينية متورطا في قضايا فساد وممنوعا من دخول العراق ساعده السفير الصيني لدى العراق على دخول البلاد والعمل بأحد الحقول النفطية".
ويؤكد الكاتب أن "الصين باتت أكثر تغلغلا في قطاع الطاقة العراقي، حيث مُنحت مصفاة الفاو لتحالف شركات صينية بتكلفة 7 مليارات دولار، وستموّل الحكومة الصينية العمليات في المصفاة، وتعمل الشركات الصينية بشكل مباشر وغير مباشر في 15 حقلا نفطيا جنوبي العراق، وتتطلع إلى تطوير 78 حقلا نفطيا عراقيا خلال المرحلة المقبلة".