ازدياد كبير لنسبة العزوف عن الزواج في سوريا... تردي الوضع الاقتصادي في مقدمة الأسباب

14/07/2021

بسبب الظروف الاقتصادية المتردية وانعدام الأمن المالي لدى شريحة كبيرة من السوريين، أصبح الزواج بالنسبة لبعض الشباب غايةً لا تُطال، ونظر آخرون للأمر على أنه مسؤولية إضافية ليس من المحبذ تحملها في هذا الوقت. كل ذلك تسبب بارتفاعٍ كبير لنسب العنوسة في أوساط الشباب، وأضاف مرضًا جديدًا للأمراض التي أصابت المجتمع السوري بسبب الفقر وتردي الاقتصاد.

في هذا السياق، أشارت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل "سلوى عبد الله" إلى رصد مناطق في سوريا - من دون أن تحددها - ازدادت فيها نسبة العزوف عن الزواج لأسباب عديدة، منها قد تكون بسبب ظروف الحرب على سورية، ولأسباب اقتصادية، وغيرها من الأسباب التي تؤدي لازدياد هذه الحالات.

وشدّدت الوزيرة على ضرورة أن يكون هناك دراسة في مناطق محددة وفئات اجتماعية محددة لمعرفة أسباب العزوف عن الزواج لأن الآراء الشخصية لا تكفي في هذه الحالات.

واعترفت "عبد الله" بوجود خلل في التوزع الديموغرافي بسبب الحرب في سوريا، موضحةً أنه هناك مناطق وقرى فارغة من السكان وفي المقابل هناك مناطق أخرى مزدحمة بالسكان.

ورأت وزيرة الحكومة السورية، أن أي بلد تتعرض لحرب فإنه من الطبيعي أن يكون هناك خلل وأخطاء في ممارسات جميع الكيانات الموجودة في المجتمع.

لتضيف: "انطلاقاً من الاحتياج الشديد لدعم سبل العيش وظهور أعداد كبيرة من الجمعيات المدنية الأهلية أدت إلى بعض الأخطاء في العلاقة عدا أن المنظمات ترتبط بالجهات المانحة لذلك يحصل هذا التضاد أحياناً بين برامجها وبين رؤى الدولة واحتياجات المجتمع بشكل حقيقي."

الجدير بالذكر أن نسبة العنوسة في سوريا بلغت مستويات تفوق 50% من إجمالي الشباب وفقًا لإحصائيات غير رسمية، وتحدث البعض عن وصول النسبة إلى 70% أيضًا، وذلك ظل غياب أي بيانات واضحة من الحكومة في هذا السياق.

آراء الأهالي حول الزواج:

لأن العنوسة مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى، فالأولى هنا سماع آراء أفراد المجتمع وتحليل نظرتهم للأمر بهدف الوصول إلى مقاربة أفضل تساعد على الحل.

تقول "رهف" في استطلاعٍ سابق كانت قد أجرته "المجلة" حول هذا الموضوع: "العزوف عن الزواج حل مطروح وبقوة، فالزواج مسؤولية كبيرة، بالكاد يستطيع الشاب حلّ أموره كفرد، فلماذا يجلب هماً فوق همه؟ عدا عن الشباب الذين أفنوا سنواتهم في الخدمة العسكرية، كيف لهؤلاء أن يفتحوا بيوتاً ويؤمنوا دخلاً؟ لا توجد أعمال شاغرة سواء للشباب أو الشابات، وإن وجدت فالرواتب زهيدة وتافهة ومن المعيب صرفها أصلاً، لكن الناس مضطرون لها لكي تعيش ودائماً ما يرددون أن هذه الرواتب أفضل من لا شيء. ولو افترضنا وجود القبول والرضا بين الطرفين على الوضع وما هو عليه، ستكون حياتهم تعيسة مادياً وتعيسة في شتى النواحي."

أما "أمجد"، فيرى أن تأخير الزواج إلى ما بعد سن الثلاثين بات أمراً واقعاً "رضينا به أم لم نرضَ".

تكاليف ضخمة ودخل زهيد:

تتلخص تكاليف الزواج في سوريا حول ترتيبات حفل الزفاف وحفل الخطوبة والفساتين و "الجهاز وملبوس البدن" (الملابس والمستلزمات التي تحضّرها العروس لبيت الزوجية) والمهر والذهب أو الشبكة، بالإضافة إلى المسكن (يفضّل في الغالب أن يكون مملوكاً للعريس) ومرتّب ثابت، وكل ذلك حسب العادات السورية يقع على عاتق العريس.

الحصول على منزل في هذه الظروف أصبح حلماً يراود المقبلين على الزواج، كما أن المتطلبات المادية اللازمة للزواج والتي يصعب تأمينها من قبل أغلبية الشباب بمن فيهم المستقرون مادياً أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا.

وفي ظل الظروف الحالية، عمدت بعض الأسر إلى التنازل عن بعض هذه المتطلبات، كما سهّلت بعض الأسر الترتيبات كأن يستعاض عن تسلّم المهر بجعله "غير مدفوع" بحسب عقد الزواج، أما عن خاتم الخطوبة فهو غير القابل للتفاوض على أي حال.

وفي مواجهة كل هذه التكاليف، فإن راتب المواطن السوري الذي لا يتجاوز بضع دولارات، عاجز عن تأمين أو سداد شيء من هذه الالتزامات.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: