
خرج الإعلام الحكومي السوري عن صمته أخيراً ووضح الخطة الحكومية المعتمدة في تحسين سعر الصرف، حيث ذكرت صحيفة البعث بأن ما سمته "الجهود المبذولة لتحسين سعر الصرف" قد أثمرت أخيراً وأفضت إلى استقرار نسبي في سعر الصرف.
وذكرت صحيفة البعث بشكل وصفه البعض بـ "المفاجئ والغريب" أنها قد تكون المرة الأولى التي تضع الحكومة فيها سيناريو مدروس يستهدف تحقيق التوازن بين العرض والطلب على القطع الأجنبي، حيث دفع هذا التصريح من جهة إعلامية حكومية الناس للتساؤل فهل كانت الحكومة طوال ذلك الوقت تتعامل مع الأزمات الاقتصادية بدون "خطط وسيناريوهات مدروسة"؟
تركزت الخطة الحكومية التي تحدثت عنها الصحيفة والهادفة لتحسين سعر الصرف في ثلاث نقاط أساسية سنوضحها أدناه:
أولاً: كبح الانخفاض الحاصل في سعر الصرف:
الهدف الأساسي في هذه المرحلة هو صد الانهيار المستمر لسعر صرف الليرة بعد وصولها إلى عتبة ال 3200 ليرة للدولار الواحد، وقت تم اجتياز هذه الخطوة بنجاح.
ثانياً: إرجاع سعر الصرف إلى عتبة ال 2200 – 2400 ليرة للدولار الواحد:
يتم ذلك من خلال إجراءات عدة تمثلت بمنع التهريب ووقف منح التسهيلات خاصةً الدوارة ذات الأسقف المفتوحة، حيث وضحت الصحيفة هنا أن حركت التهريب توقفت بنسبة 80% مما أدى إلى انخفاض الطلب على القطع الأجنبي.
ثالثاً: زيادة الموارد لتحسين مستوى العرض من الدولار مقابل مستوى الطلب عليه:
يستدعي تنفيذ هذه الخطوة زيادة حركة الاستيراد والتوريد بالإضافة إلى موازاة العرض مع الطلب من خلال وقف التهريب وتنمية الصادرات وتشجيع المغتربين على العودة لتنشيط حركة الاستثمار، إذ وضحت الصحيفة أن هذه الخطوة لا تتم بين ليلة وضحاها بل تتطلب الوقت والعمل الدؤوب المستمر.
هذا وقت ختمت الصحيفة تقريرها باستبعاد حدوث انتكاسة جديدة بسعر الصرف واعتبرت الأمر "خطاً أحمر" طالما يتم تنفيذ الإجراءات أعلاه على أكمل وجه.
الواقع يخالف المتوقع:
لم تكد "صحيفة البعث" تنشر تقريرها الذي تضمن الخطة المزعومة لتحسين سعر الصرف الليرة إلا وعاد سعر صرف الليرة للانخفاض أمام الدولار مرة أخرى البارحة بعد أسبوع كامل من التحسن!
يتجه البعض في هذا السياق لاتهام ذلك السيناريو الذي نشرته صحيفة البعث بأنه بعيد عن الواقع ولا يقدم الحل الكافي لتحسين وضع العملة لأنه لا يراعي التعقيدات العديدة التي تحيط بالأزمة في سورية، بينما يصر الآخرون على التفاؤل والتأمل بأن تكون الحكومة قد بدأت تفكر بشكل عملي وصحيح أخيراً بعد أن بلغ السيل الزبى حيث أنها خرجت هذه المرة بخطة واضحة بدلاً من التطمينات والتصريحات الفارغة.
لكن الواقع في النهاية يفرض نفسه ولا يهتم بآراء المتفائلين أو المتشائمين من خطط الحكومة، فلا يسعنا سوى الانتظار والتمسك بالأمل بأن المستقبل سيحمل في جعبته الخير والفرج للفقراء والمساكين والأبرياء بغض النظر عن كل التعقبدات التي تحيط بالصورة السورية من كافة الجهات.