عانى الذهب خلال شهر حزيران الماضي، من أسوأ خسارة شهرية له منذ ما يقرب من خمس سنوات. حيث تعرض مستثمرو الذهب إلى صدمة على إثر الحديث المستمر عن خفض التحفيز ورفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي، على الرغم من عدم احتمال حدوث ذلك خلال الوقت الحالي.
ويؤدي رفع المجلس الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة إلى جعل المعدن الأصفر ثقيلًا للحيازة وغير جذاب بالنسبة للمستثمرين مقارنةً مع الأصول الأخرى كالدولار، مما يتسبب بتضاؤل الطلب عليه وانخفاض سعره.
في غضون ذلك كان الدولار قادرًا على استعادة عرشه مجددًا بين الملاذات الآمنة، إذ سجل أعلى مستوى له في 15 شهرا مقابل الين، فيما يحوم بالقرب من أعلى مستوياته في عدة أشهر مقابل عملات رئيسية أخرى.
الخبراء ينصحون: احذر من الذهب في الوقت الحالي
يرى البعض في انخفاض الذهب فرصة ثمينة للشراء، لاسيما إن كان المعدن الثمين ينتظر انتعاشًا آخر كما حصل في الماضي بعد هبوطه عقب اكتشاف اللقاح. لكن الخبراء يتوقفون هنا وينصحون بالحذر، فقد يكون هذا الهبوط هو تغير كامل لمسار المعدن الثمين وليس مجرد انهيار مفاجئ سيختفي أثره مع الزمن.
يجيب أحد الخبراء من موقع "investimg"عند سؤاله فيما إذا كان الوضع الحالي فرصة لشراء الذهب: "لا نعتقد ذلك. في الواقع، يبدو لنا، بناءً على مجموعة متنوعة من المؤشرات، أن مثل هذه الفرصة هي فرصة لاتخاذ مركز بيع للمعدن الأصفر."
وينوه إلى أمر مهم قائلًا: "تذكر أن للمعدن الثمين علاقة عكسية بالدولار، حيث تستفيد الأصول من الظروف الاقتصادية والأجواء المتضاربة. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن المعدن اللامع يتم تسعيره بالدولار الأمريكي، فعند تعزيز العملة، يصبح الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لبقية العالم، مما يقلل الطلب وفقًا لذلك."
قطار الدولار لم يتوقف بعد:
كذلك، قال "كارل شاموتا"، كبير محللي السوق في "Cambridge Global Payments"، متحدثًا إلى CNBC: "بالنسبة للمستثمرين يبدو أن هناك احتمالية كبيرة لخروج بيانات مفاجئة يوم الجمعة ستسرع من وتيرة تقليص التيسيرات (التحفيزات) النقدية والتوجه نحو تشديد قريب". والتشديد النقدي يعني بالطبع المزيد من الدعم للدولار على حساب انخفاض بريق الذهب.
وأضاف أن البيانات الحالية يمكن أن تؤدي بالفعل "إلى تشغيل قطار الدولار السريع، ولا يريد أحد الاستلقاء أمام قطار منطلق بأقصى سرعة له".
وفقًا لذلك، لو تكرر الارتفاع السابق للدولار مجددًا، فإن هبوط الذهب سيكون مسألة شبه حتمية.
ارتباط الذهب بعوائد السندات:
من الأمور الهامة التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن الذهب هي عوائد السندات.
بالنسبة لاقتصاديات الدول المتقدمة، عندما تكون عوائد سندات حكوماتها متراجعة، هذه يعني أن الأسواق والمستثمرين يقرأون مخاطر معينة أو تراجعاً محتملاً في شهية المخاطر ولذلك نرى تراجعاً في العوائد لأن الحكومات في هذه الدول المتقدمة اقتصادياً ومستقرة سياسياً لا تحتاج الى رفع عوائدها حتى تجذب المستثمرين.
في المراجعة الدائمة للذهب، نرى ترابطاً بين تراجع هذه العوائد وارتفاع الذهب، وكذلك العكس (ترتفع العوائد وقد يتراجع الذهب أحياناً) طبعاً هذه ليست قاعدة عامة، لأن الأسواق تغير ترابطاتها أحياناً. في الثلاثة أشهر الأخيرة مثلاً، ارتفع الذهب من 1680$ للأونصة (بداية نيسان 2021) ووصل 1905$ مع بداية شهر حزيران، في الوقت الذي تراجعت فيه العوائد وارتفع سعر السندات (سندات الخزينة الأمريكية لعشر سنوات ارتفع سعرها من 155 نقطة الى 162 نقطة مقابل تراجع عوائدها من 1.73% إلى 1.44%).
لذلك إذا كنت ترغب في تشكيل صورة صحيحة وكاملة حول حركة الذهب، لا بد لك من البقاء على اطلاع مستمر على بيانات عوائد السندات الأمريكية.