الإجابة من عالم اقتصاد... هل ينجح الاستثمار في فقاعة؟

02/06/2021

تشكل القدرة على إدراك الفقاعة مبكرًا في سوق الأسهم، فرصة ذهبية للمستثمر من أجل تفادي الخسائر الفادحة التي قد تنجم عن الانفجار المحتمل، والذي عادةً ما يصاحبه حالة من هلع البيع يدفع السوق نحو القاع.

مع ذلك، فإن عدم امتلاك القدر الكافي من الدراية أو الحظ لمعرفة موعد الانهيار لا ينتقص من المستثمر شيئًا، ولا يمكن لأحد من الأساس الادعاء بأنه يمتلك القدرة على توقع السوق بالتحديد؛ إنه التوفيق والصدفة في أغلب الأحوال، وعلى أي حال، ففي النهاية قد لا يكون الهروب من السوق هو الخيار الأمثل دائمًا.

نعم، الفقاعة قد تكون فرصة مناسبة لتعظيم قيمة الاستثمار وتحقيق مكاسب معتبرة، والأهم من ذلك أن مفهوم "خوض تجربة الفقاعة" وعدم الاستسلام لتيار البيع الهلعي يجنب المستثمر (على الأقل) الخسائر المحتملة نتيجة الانهيار، وللنجاح في ذلك بشكل رئيسي، يجدر بالمرء التخلف عن ركب القطيع.

لا تكن جزءًا من الجمع:

هناك باستمرار الكثير ممن يشعرون بوجود مأساة ذات أبعاد ملحمية تختمر في سوق الأسهم، ويستعدون للقفز عن السفينة، المشكلة هي أن البشر يميلون إلى امتلاك ذاكرة قصيرة وبالتالي يتوقعون أن يكرر المستقبل سيناريوهات الماضي القريب.

 أظهرت الأبحاث التي أجراها عالم الاقتصاد "روبرت شيلر" من جامعة يل أن هناك ارتباطًا صارخًا بين أداء السوق والرأي الجمعي حول أفضل استثمار في وقت معين، وبعبارة أخرى، إذا استمر الارتفاع يتوقع الناس بشكل جماعي مزيدًا من الصعود في المستقبل المنظور، وإذا كانت الأمور تتدهور، يتوقع الناس المزيد في هذا الاتجاه.

 في بعض الأحيان، يبدو أن الأمور تتحسن لمجرد وجود تصور بذلك، وحينها يلقي المستثمرون بالمخاوف خلف ظهورهم ويتحمل الأشخاص العقلاء مخاطر غير ضرورية لمجرد أنهم لم يعودوا يدركون المخاطر بالطريقة التي فعلوها من قبل، ويتابعهم الناس ويذهبون مع التيار، فيما يسميه الاقتصاديون السلوكيون بـ “سلوك القطيع".

 في "Narrative Economics" أحدث كتب "شيلر"، يوضح الخبير كيف أصبحت القصص الجيدة مقبولة كحكمة تقليدية لمجرد أنها تبدو مواكبة للعصر، ويقول إن الحقائق أصبحت شيئًا ثانويًا، وأن أولئك الذين استمعوا إلى القصص كانوا ساذجين بما يكفي لتصديق أولئك الذين يرونها.

لا يوجد تعريف مقبول على نطاق واسع لما يشكل الفقاعة وعلاوة على ذلك، لا توجد طريقة موثوقة لتحديد الوقت الذي "تنفجر" فيه الفقاعات، ولا أحد يعرف إجابات لماذا أو كيف أو متى بشأن هذه الظاهرة، إنه فقط الحظ ربما.

التراجع في السوق أمر شبه مؤكد في وقت ما، لقد كان متكررًا عبر التاريخ،وقلة من الناس العقلاء قد يقترحون أنه لن يكون هناك هبوط آخر ذو معنى، ومع ذلك نجد باستمرار أن الكثير من الناس يستثمرون بقوة أكبر ويتدفق آخرون أكثر مقارنة بآخر فقاعة.

لذلك فإن الحكمة الرئيسية يجب أن تكون "تجنب اتجاه القطيع"، إلى جانب الاستعداد النفسي عبر التوقف والتفكير في تصورات وقيم المستثمر، مثلًا كأن يتذكر أنه مثلما قد يربح 10% في السوق، فهناك احتمال كبير لأن يخسر نسبة مماثلة، وربما أكبر إذا كانت الفقاعة حقيقية.

استعد للانفجار:

من الأهمية بمكان التخلي عن أطماع تحقيق المزيد من المكاسب؛ إذ لا يمكن للمستثمر التنبؤ بموعد انفجار الفقاعة وبدء السوق الهابط التالي، والأسلم تحويل الأرباح الورقية إلى مكاسب محققة مع تضخم الفقاعة.

هذه الطريقة تجنب المستثمر تقلبات السوق الحادة صعودًا ثم هبوطًا، والتي قد تكلفه كل مكاسبه المحققة، كما فعل العديد ممن تمسكوا بأسهم شركات التكنولوجيا على طول الطريق من منتصف عام 1996 حتى أكتوبر 2002 خلال حقبة فقاعة الدوت كوم.

مع ذلك، فإن الخروج المتأخر هو استراتيجية بديلة أخرى، لكنها أكثر خطورة لأنها تنطوي على الانتظار حتى انفجار الفقاعة، وتكمن المشكلة في أن المستثمر ببساطة لا يستطيع معرفة متى وصل السوق إلى القمة، أو متى سيصل إلى القاع التالي.

هناك أيضًا نهج "اللعب بأمان"، عن طريق البقاء في السوق وتبني سياسة التناوب على أسهم القيمة ذات الجودة الأعلى والتي لا يطاردها الجموع. المشكلة أن الأسهم عالية الجودة تصبح باهظة الثمن وأسهم القيمة يمكن أن يكون لها جانب سلبي أكبر قبل أن تنتعش.

المغامرة في الخارج هي أحد الحلول أيضًا، إذ ينصح مدير الأصول "جيريمي جرانثام" بأن يحول المستثمرون حيازاتهم من الأسهم نحو الأسواق الناشئة التي لديها تقييمات أقل، مع العلم أن الأسواق الخارجية قد تتأثر سلبًا بهبوط السوق الأمريكي.

بمجرد اختيار استراتيجية، ينصح الخبراء بالالتزام بها، ويقولون إن المستثمر الذكي على المدى الطويل يتطلع إلى النجاة من الفقاعات ويتجنب السعي الجشع لتحقيق مكاسب مؤقتة.

الانهيار المباغت:

تصحيحات السوق أمر لا مفر منه، لكن انفجار الفقاعة المفاجئ يمكن أن يلحق أضرارًا مالية خطيرة على غرار انفجار فقاعة الإنترنت لعام 2000 والأزمة المالية لعام 2008، وتوقع حدوث مثل هذه الأمور صعب للغاية، لكن النصيحة الأهم لمواجهته هي "عدم الهلع على الإطلاق".

أفضل الرابحين من الأسواق هم مستثمرو المدى الطويل الذين يبقون طويلًا، وبحسب تقارير، فإن المستثمرين الذين حافظوا على تماسكهم في وول ستريت خلال الأزمة المالية العالمية، استردوا جميع خسائرهم وأصبحوا أكبر المستفيدين من أطول سوق صاعد شهدته أمريكا.

ومع ذلك، فإن السير عكس التيار ليس من السهولة في شيء، حتى بالنسبة للمحترفين المتمرسين، ويقول "جون بوركيت سانت لورينت" كبير مديري المحافظ في "Exencial Wealth Advisors" للاستشارات المالية: أنا بنفسي أحد هؤلاء، أكره المخاطرة، وليس لدي الجرأة على خسارة 20% إلى 30%؛ لا يمكنني فعل ذلك.

لا يوجد حل سحري للبقاء في الأسواق وعدم خسارة الأموال أبدًا، ولكن يمكن للمستثمرين تقليل خسائرهم، بانتظار تعافي السوق، وذلك من خلال خمس استراتيجيات رئيسية: الاستثمار في صندوق متساوي الأوزان، وشراء أسهم ذات توزيعات أرباح متزايدة، والاستعانة باستراتيجية خيارات الأسهم، وجني الأرباح جزئيًا.

 يضاف إلى ذلك استراتيجية تطوير ما يطلق عليها "محفظة الحديد" وهي مزيج بين الأسهم الرابحة والخاسرة من العام الماضي؛ حيث تشكل الأسهم الرابحة فرصة لمواصلة تحقيق العائد، وتعتبر الأسهم الخاسرة فرصة شراء منخفضة التكاليف، والتي يحتمل أن ترتفع مع الوقت.

المصادر: أرقام- فايننشال بوست- يو إس نيوز- إنفستوبيديا- ماركت ووت

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: