المنحة القطرية لتمويل الرواتب في سوريا… إليكم كامل التفاصيل

08/05/2025

أعلنت الحكومة السورية عن تلقيها منحة مالية من دولة قطر بقيمة 87 مليون دولار، تُقسّم على ثلاثة أشهر قابلة للتجديد. وتهدف المنحة إلى تمويل نحو 20% من إجمالي الرواتب الحكومية، في محاولة لتخفيف الأعباء على الموازنة العامة في ظل التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد.

وصرّح وزير المالية السوري، "محمد يُسر برنية"، أن هذه المبالغ ستُخصص لدفع رواتب العاملين في قطاعات حيوية تشمل الصحة، التعليم، الشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى المتقاعدين المدنيين. وأكد الوزير أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الإصلاح المالي الهادفة إلى تعزيز الشفافية والثقة في النظام المالي الوطني.

إدارة المنحة واستثناء نادر من العقوبات

المنحة القطرية ستُدار من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، في إطار اتفاق تم التوصل إليه بعد الحصول على استثناء خاص من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا. وأشار "برنية" إلى أن هذه الخطوة "تشكل بارقة أمل" نحو تخفيف المزيد من القيود الدولية، التي تقيّد إمكانية تحريك الاقتصاد السوري.

الاقتصاد السوري تحت ضغط العقوبات والصراع

يمر الاقتصاد السوري بواحدة من أسوأ أزماته منذ الاستقلال، نتيجة 14 عاماً من الحرب والعقوبات الدولية. ووفقاً للأمم المتحدة، يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، بينما يواجه الملايين منهم انعدام الأمن الغذائي.

ومنذ عام 2018، أعاد البنك الدولي تصنيف سوريا كدولة ذات دخل منخفض، بعد أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% بين عامي 2010 و2020. وتسببت العقوبات الغربية في عزل البلاد مالياً، ما أدى إلى صعوبات في الاستيراد، انخفاض الصادرات، وتقلص التحويلات المالية الخارجية.

تقارير أممية: العقوبات تعرقل التعافي

أفاد تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فبراير 2025 أن العقوبات "ساهمت في تعميق العزلة الاقتصادية"، مشيراً إلى أن تخفيف هذه القيود سيكون ضرورياً لتعزيز التعافي الاقتصادي وبناء السلام المستدام في سوريا.

تطورات تدريجية في ملف العقوبات

شهدت الأشهر الماضية تحركات دبلوماسية نحو تخفيف تدريجي للعقوبات الغربية. ففي الشهر الماضي، أصدرت الإدارة الأميركية ترخيصاً مؤقتاً يتيح إجراء معاملات مع بعض المؤسسات الحكومية السورية، بما في ذلك السماح ببيع الطاقة. كما علّق الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات المفروضة على قطاعات مصرفية وطاقوية، في خطوة اعتُبرت تمهيداً لتطبيع جزئي.

كذلك، أعلنت المملكة المتحدة شطب مصرف سوريا المركزي و23 كياناً اقتصادياً من قوائم العقوبات، ما يعزز المؤشرات على إمكانية العودة الجزئية للتعامل المالي مع سوريا.

رؤية سياسية جديدة تطالب برفع العقوبات

من جانبها، تطالب الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس "أحمد الشرع"، برفع العقوبات بالكامل، مستندةً إلى تغير المشهد السياسي في البلاد وسقوط النظام السابق. وتعتبر هذه الحكومة أن العقوبات لم تعد مبررة قانونياً أو إنسانياً، في ظل التحولات الجارية داخلياً.

دلالات سياسية وراء المنحة القطرية

لا يمكن فصل المنحة القطرية عن السياق السياسي الإقليمي. قطر، التي طالما لعبت دوراً فاعلاً في الملفات الإقليمية، تبدو وكأنها تسعى الآن إلى إعادة التموضع في الملف السوري، خاصة في ظل انفتاح بعض الدول العربية والغربية بشكل تدريجي على دمشق.

كما أن إدارة المنحة من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) يُعتبر تطوراً بالغ الأهمية، لأنه يضمن رقابة دولية على توزيع الأموال، ويُقلل من فرص الفساد أو التسييس الداخلي للتمويل. ويعكس هذا التعاون أيضاً إجماعاً دولياً على ضرورة دعم الاستقرار المعيشي في سوريا، بعيداً عن الاعتبارات السياسية الضيقة.

تحديات الاستدامة بعد انتهاء المنحة

رغم أهمية المنحة، فإنها تُسلّط الضوء على غياب حلول جذرية لمعالجة أزمة الرواتب في سوريا. فبعد انتهاء الأشهر الثلاثة، ستعود الدولة إلى مواجهة العجز مجدداً ما لم تتوفر مصادر تمويل مستقرة أو يتم إطلاق برامج إصلاح اقتصادي فعلي.

وتبرز الحاجة إلى دعم طويل الأمد يشمل إعادة هيكلة الإنفاق العام، وتحسين كفاءة إدارة الموارد، وتطوير بيئة الاستثمار. هذه الخطوات قد تكون أكثر أهمية من المعونات المؤقتة، بحسب خبراء اقتصاديين.

ويشير الاتجاه الدولي مؤخراً إلى تفضيل تمويل البرامج عبر قنوات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لضمان الشفافية. وقد يؤدي نجاح هذه المنحة إلى فتح الباب أمام المزيد من المساهمات المماثلة من دول أخرى، في حال أظهرت النتائج فاعلية ملموسة في تحسين الظروف المعيشية للسكان.

من تهميش العقول إلى تمكينها… سوريا تحتضن أول قمة للذكاء الاصطناعي

07/05/2025

في لحظة وصفت بأنها بداية جديدة لسوريا الرقمية، انطلقت فعاليات قمة "2025 AI-SYRIA" في العاصمة دمشق يوم أمس الثلاثاء، تحت رعاية وزارة الاتصالات والتقانة، لتجمع خبراء ومؤسسات من داخل البلاد وخارجها، وتفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب السوري في مجال الذكاء الاصطناعي.

مؤتمر بطموحات تتجاوز الواقع

على مدار يومين، يستضيف المؤتمر الذي ينظمه الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات بالتعاون مع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، نخبة من المتخصصين في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي من سوريا وعدة دول عربية وأجنبية.

الحدث لا يقتصر على كونه منصة علمية، بل يحمل أبعادًا اقتصادية وتنموية. يناقش المؤتمر مساهمة الذكاء الاصطناعي في دعم الاقتصاد السوري، ويستعرض تأثيره على منظومة الابتكار وريادة الأعمال، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى قفزة نوعية في البنية التكنولوجية.

جلسات تمس صميم التحول الرقمي

الموضوعات المطروحة ضمن الجلسات الرئيسية تغطي طيفًا واسعًا من التحديات والفرص، مثل "دور الذكاء الاصطناعي في التنمية من الاقتصاد إلى المجتمع"، "البنى التحتية الذكية"، "سياسات وتشريعات الابتكار"، إضافة إلى ملف حيوي بعنوان "فرص وتحديات التحولات التكنولوجية".

المؤتمر، الذي جمع باحثين وأكاديميين ومطورين وطلابًا، يعكس حراكًا واضحًا لإعادة تموضع سوريا على خريطة التكنولوجيا في المنطقة.

هدف طموح: خلق عشرات الآلاف من فرص العمل

في تصريح لوكالة الأناضول، أوضح وزير الاتصالات السوري "عبد السلام هيكل"، أن المؤتمر يمثل نقطة انطلاق حقيقية نحو تحويل سوريا إلى مركز إقليمي للإنترنت والاتصالات، من خلال تطوير البنية التحتية وربط البلاد بمحاور العالم الرقمي.

وأضاف: "نحن نعيد تموضع سوريا في المشهد التكنولوجي، ونعمل على تأسيس منظومة تدعم المواطنين وتوفر فرصًا جديدة لعشرات الآلاف من الشباب".

إشارات تعافي… وشركات عالمية حاضرة

رئيس الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات "فراس بكور"، أشار إلى أن المؤتمر يمثل تحوّلًا نوعيًا في المشهد التكنولوجي السوري، كاشفًا عن تسجيل أكثر من 1200 شخص خلال 4 أيام فقط، مما يعكس رغبة المجتمع في الانخراط في ثورة الذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن الحدث استقطب شركات من الأردن ولبنان ومصر والإمارات، بالإضافة إلى ممثلين عن نحو 50 شركة دولية، منها صينية وأمريكية، ما يدل على ثقة متزايدة في البيئة الاستثمارية والتقنية السورية.

دعم مباشر للمواهب الشابة

أكد "بكور" أن أحد الأهداف الرئيسية للقمة هو توجيه الشباب نحو المجالات التكنولوجية المستقبلية، لا سيما الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن "هناك طاقات كامنة كثيرة في سوريا، ونحن نعمل على توفير البيئة المناسبة لتفجير هذه الإمكانات".

في السياق ذاته، قال "محمد مدفع"، مستشار الذكاء الاصطناعي في شركة "تراديونس"، إن ما شاهده في المؤتمر فاق توقعاته. وأضاف: "مثل هذه المنصات تمنح السوريين الفرصة للتواصل، تبادل المعرفة، وخلق مشاريع مشتركة تعكس قدراتهم الحقيقية".

تجدر الإشارة إلى أن القمة السورية تتزامن مع تحولات عالمية متسارعة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في النسيج الاقتصادي والاجتماعي. فبحسب تقرير "ماكنزي 2024"، من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في إضافة ما يصل إلى 4.4 تريليون دولار سنويًا للاقتصاد العالمي، ما يعزز أهمية مثل هذه المؤتمرات كوسيلة للحاق بركب الابتكار العالمي.

بداية مرحلة جديدة

بعد سنوات من التهميش، يبدو أن العقول السورية بدأت تجد المساحة المناسبة لتثبت حضورها في الساحة التقنية. لذلك فإن "2025 AI-SYRIA" أكثر من مجرد مؤتمر، بل إشارة واضحة أن بوابة سوريا نحو المستقبل قد فُتحت… والأهم أنها بقيادة شبابها ومبدعيها، كما يأمل الكثيرون.

أول استثمار أجنبي حقيقي في سوريا… ميناء اللاذقية قد يحدث تحولا في اقتصاد البلد

05/05/2025

في خطوة تعد من أبرز التحركات الاقتصادية في سوريا منذ سنوات، أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية عن توقيع اتفاقية مع شركة الشحن والنقل البحري الفرنسية العملاقة CMA CGM لتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية، في إطار خطة شاملة لتحديث البنية التحتية للموانئ السورية وتحسين كفاءتها التشغيلية.

مدة طويلة لاستثمار نوعي

تبلغ مدة الاتفاق 30 عاماً، وهي فترة تُعتبر معيارًا دوليًا معتمدًا لضمان الجدوى الاقتصادية في مشاريع من هذا النوع. ووفق الهيئة السورية، ستقوم الشركة الفرنسية خلال السنة الأولى من العقد بضخ استثمار أولي بقيمة 30 مليون يورو (نحو 33.9 مليون دولار)، يهدف إلى تحديث البنية التحتية والفوقية، صيانة المعدات، وتجديد الأرصفة، إضافة إلى إدخال أنظمة تشغيل وتكنولوجيا حديثة تستخدمها الشركة في موانئها العالمية.

وخلال السنوات الثلاث التالية، من المتوقع أن تصل الاستثمارات الإضافية إلى 200 مليون يورو (ما يعادل نحو 226 مليون دولار)، ما يعكس التزامًا طويل الأمد تجاه تطوير الميناء وتحويله إلى مركز لوجستي حديث على البحر المتوسط.

مسؤوليات الشركة وحدود السيادة

الاتفاق يمنح CMA CGM مسؤولية إدارة وتشغيل محطة الحاويات في الميناء، فيما تحتفظ الدولة السورية بحق الرقابة والتقييم المستمر. كما تؤكد الهيئة أن جميع حقوق السيادة الوطنية "محفوظة بالكامل" ضمن الأطر القانونية الناظمة للعقود البحرية.

أطر قانونية وتحكيم دولي

الاتفاق تم توقيعه ضمن قانون الاستثمار السوري، مع النص على الاحتكام إلى غرفة التجارة الدولية في لندن في حال نشوء أي نزاع، وهو ما يُعد مؤشرًا على رغبة الحكومة السورية في جذب استثمارات أجنبية ضمن بيئة قانونية موثوقة تحظى بثقة المجتمع الدولي.

يذكر أن شركة CMA CGM تُعد من أكبر شركات الشحن البحري في العالم، ويقع مقرها في مرسيليا، فرنسا. تدير الشركة أكثر من 500 سفينة شحن، وتعمل في أكثر من 160 دولة. دخولها إلى السوق السورية يُعد مؤشراً مهماً على محاولات إعادة دمج سوريا تدريجيًا في الاقتصاد الإقليمي والدولي، رغم استمرار التحديات السياسية والعقوبات الغربية.

آلية تصاعدية للعائدات: الدولة تستفيد أكثر مع نمو الحركة التجارية

أوضحت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية أن الاتفاق مع شركة CMA CGM يتضمن آلية تصاعدية لتوزيع الأرباح، حيث ترتفع حصة الدولة تدريجيًا مع ازدياد حجم المناولة وعدد الحاويات المتداولة في الميناء. ووفق نص الاتفاق، تبدأ الدولة بنسبة معينة من العائدات، ثم تتزايد لتصل حتى 70%، في مقابل 30% للشركة الفرنسية.

ويتحمّل المستثمر الأجنبي كافة النفقات التشغيلية، بما في ذلك صيانة المعدات وتشغيل المحطة، ما يضمن استفادة اقتصادية قصوى للدولة دون تحميلها أي أعباء مالية مباشرة.

تحسين البنية التحتية وتطوير القدرات الوطنية

في تصريحات لوكالة الجزيرة، أكد "مازن علوش"، مدير العلاقات في الهيئة البحرية، أن الاتفاقية تمثل نقلة نوعية في قطاع النقل البحري السوري، كونها تتيح تدفق استثمارات ضخمة في السنوات الأولى، ما سيُترجم إلى تحسين مباشر للبنية التحتية للميناء، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية.

وأشار علوش إلى أن المشروع سيسهم في تعزيز القدرة التنافسية لسوريا في مجال النقل البحري، كما يُتوقع أن يسهم في خلق فرص عمل محلية، وتحفيز الصادرات والواردات، ما سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد الكلي.

تشغيل تحت الإشراف السوري وبكوادر محلية

شددت الهيئة على أن جميع العمليات ستتم تحت إشراف الدولة، وضمن الإطار القانوني السوري، دون منح الشركة الفرنسية أية امتيازات تشغيلية استثنائية. كما أكدت أن المشروع سيعتمد بشكل رئيسي على الكوادر السورية، إلى جانب تنفيذ برامج تدريب وتأهيل تعتمد على أحدث الأنظمة التشغيلية العالمية، ما يضمن نقل الخبرات وتعزيز الكفاءة الوطنية في إدارة وتشغيل الموانئ.

مفاوضات شفافة ومشاريع مستقبلية قيد الدراسة

أفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن اختيار CMA CGM جاء بعد دراسة عدة عروض من شركات دولية، حيث تفوّق العرض الفرنسي من حيث الجدوى الفنية والكفاءة المالية، إضافة إلى ضمان استمرار العمليات دون اضطرابات.

وشارك في مراجعة العروض والتفاوض فرق متخصصة من الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، إضافة إلى فرق من مؤسسة الرئاسة، وذلك لضمان تحقيق أقصى درجات الدقة والشفافية في إبرام الاتفاق ومتابعة تنفيذه.

وكشف علوش عن وجود مشاريع أخرى قيد الدراسة لتوسيع وتحديث الموانئ السورية، من بينها مرفأ طرطوس وبعض المنافذ البرية الحيوية، ضمن استراتيجية متكاملة لإعادة تأهيل البنية التحتية اللوجستية في البلاد.

من المهم الإشارة إلى أن هذه الخطوة تأتي في وقت تعاني فيه سوريا من عقوبات اقتصادية دولية وعزلة جزئية عن النظام المالي العالمي، ما يجعل الاتفاق بمثابة اختبار فعلي لقدرة البلاد على جذب استثمارات نوعية في بيئة معقدة سياسيًا واقتصاديًا. ومن شأن نجاح هذا المشروع أن يشجع مستثمرين آخرين على دخول السوق السورية بحذر محسوب.

أول استثمار أجنبي حقيقي منذ عقود: هل يشكل ميناء اللاذقية نقطة تحول اقتصادي؟

يرى خبراء اقتصاديون أن الاتفاق الجديد مع شركة CMA CGM الفرنسية يمثل أول استثمار أجنبي حقيقي وفعّال بهذا الحجم في سوريا منذ عقود، وسط بيئة اقتصادية تعاني من عزلة طويلة الأمد ونقص في التدفقات الاستثمارية.

وقال أسامة القاضي، رئيس مركز "قاضي للاستشارات" في كندا وسوريا، في تصريحات للجزيرة، إن هذا المشروع قد يشكل تحولًا اقتصاديًا جذريًا في حال أُدير بكفاءة، لا سيما أن الشركة الفرنسية تملك خبرات واسعة في تشغيل الموانئ العالمية.

توسيع القدرة الاستيعابية والبنية التحتية المتدهورة

وأشار القاضي إلى أن المشروع يهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية لميناء اللاذقية من نحو نصف مليون حاوية سنويًا إلى ما بين 2.5 و3 ملايين حاوية، ما سيعزز من دور سوريا كمركز لوجستي إقليمي في شرق البحر المتوسط.

ومع ذلك، نبه إلى التحديات القائمة، إذ يعاني الميناء من ضعف شديد في البنية التحتية نتيجة غياب الاستثمارات لعقود، إضافة إلى أضرار بالغة لحقت به جراء القصف الإسرائيلي المتكرر والعمليات العسكرية خلال الحرب. وأوضح القاضي أن توسيع الميناء يتطلب بناء أرصفة عميقة جديدة، يتراوح عمقها بين 15 و17 مترًا، لاستقبال السفن التجارية الضخمة.

مقارنة مع تجارب دولية: بيريوس نموذجًا

وفي سياق مقارن، أشار "القاضي" إلى تجربة الصين الناجحة في ميناء بيريوس في اليونان، حيث استثمرت بكين ما يقارب 600 مليون يورو، واعتبر أن الاستثمار الفرنسي في اللاذقية، والمقدر بنحو 230 مليون يورو خلال أربع سنوات، هو مبلغ "معقول نسبيًا"، لكنه يتطلب إدارة حذرة ورؤية استراتيجية لضمان تطوير فعّال ومستدام.

بعد رمزي واستثمار يعود إلى الجذور

ولفت "القاضي" إلى البعد الرمزي لهذا الاستثمار، موضحًا أن رودولف سعادة، الرئيس التنفيذي لشركة CMA CGM، هو حفيد لرجل أعمال سوري من مدينة اللاذقية. وقال إن جدّه غادر سوريا إلى لبنان ثم فرنسا، ليؤسس ابنه جاك سعادة إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، بينما يعود الحفيد اليوم لاستثمار في مسقط رأس العائلة.

دعوات للشفافية ومنافسة عادلة

من جانبه، دعا الباحث السياسي عبد الله الخير إلى نشر تفاصيل الاتفاقات الاستثمارية التي تُبرمها الدولة، خصوصًا مع شركات خاصة غير تابعة لحكومات، معتبرًا أن الشفافية ضرورية لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.

وأضاف "الخير" أن انتماء الشركة لعائلة سورية هو "بعد مهم"، لكنه لا يجب أن يمنع من خلق مناخ تنافسي نزيه عبر طرح هذه المشاريع ضمن مزادات علنية شفافة، خاصة في ظل ما وصفه بـ "تاريخ طويل من العقود غير الواضحة التي تُبرمها الحكومة وتُهدر فيها الموارد الوطنية".

من الجدير بالذكر أن CMA CGM، رغم كونها شركة خاصة، تُعد واحدة من الركائز الاستراتيجية لفرنسا في قطاع الشحن البحري العالمي، ولها شراكات قائمة مع موانئ في الشرق الأوسط وأفريقيا. كما أن عودة رأس المال السوري المغترب -ولو في إطار استثمار فرنسي رسمي- قد تمثل سابقة لعودة محتملة لرؤوس أموال سورية أخرى إذا توفرت بيئة قانونية واقتصادية مستقرة.

عقول الداخل ترسم خارطة التعافي: وزارة الاقتصاد تطلق مقاربة وطنية جديدة

30/04/2025

بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية والعقوبات الدولية والفساد المؤسسي، دخل الاقتصاد السوري في مرحلة من الانهيار الحاد، تاركًا خلفه تحديات هائلة أمام الإدارة الجديدة، وبالأخص أمام الفريق الاقتصادي في الحكومة. وفي ظل هذه الظروف، يُطرح السؤال الجوهري: ما هو مستقبل الاقتصاد السوري بعد إعادة تشكيل المجموعة الاقتصادية؟

طريق شاق... وفرصة قائمة

رغم قسوة الطريق وتعقيداته، لا تزال هناك نافذة مفتوحة لبناء اقتصاد جديد على أنقاض الأزمات المتلاحقة، شرط تضافر الجهود المحلية والدولية بجدية ومسؤولية. السنوات الماضية شهدت شللًا شبه كامل في معظم القطاعات الاقتصادية بسبب الحرب والعقوبات، مما جعل حدوث أي تحسن فوري أمرًا بالغ الصعوبة. ومع ذلك، فإن التحرك نحو إصلاح مدروس بدأ بالفعل، ويشكّل بارقة أمل.

انطلاقة إصلاحية بقيادة الوزارة

وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور محمد نضال الشعار، أطلق خطوات عملية لإعادة هيكلة العمل الاقتصادي، بدأت بتعيين نخبة من الخبراء المحليين في مناصب استشارية تنفيذية داخل الوزارة. ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز الأداء الرقابي، وتطوير كفاءة الأسواق، وتهيئة بيئة اقتصادية قادرة على النهوض.

الكفاءات الجديدة... ملامح فريق اقتصادي بخلفيات علمية وعملية

د. رشا سيروب، تم تعيينها مستشارة لشؤون السياسات وضبط الأداء. تحمل دكتوراه في الاقتصاد من جامعة دمشق، وهي أستاذة جامعية وباحثة نشطة، سبق أن شغلت عضوية مجلس إدارة "جمعية العلوم الاقتصادية السورية" بين عامي 2011 و2015.

د. كرم شعار، عُيّن مستشارًا لشؤون التحول الرقمي والتكنولوجيا. يحمل دكتوراه من جامعة "فيكتوريا ويلينغتون" في نيوزيلندا، ويشغل حاليًا منصب المستشار الاقتصادي الرئيسي في مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا. كما عمل باحثًا في معهد الشرق الأوسط بواشنطن.

د. علاء جبل، مسؤول عن شؤون التدريب والتأهيل، حاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة "لينينغراد" في روسيا، وسبق أن شغل منصب عميد كلية الاقتصاد بجامعة حلب. له مؤلفات أكاديمية معتبرة في مجاله.

د. رازي محي الدين، تم تعيينه لشؤون التخطيط والمتابعة. يحمل دكتوراه في الاستثمار والتمويل، ويُدير إحدى شركات حلول الأعمال في سوريا، إلى جانب عمله الأكاديمي في "الجامعة العربية الدولية".

الخبير جورج خزام، يشغل منصب مستشار لشؤون السيولة والنقد، وهو اقتصادي معروف بمقالاته وأبحاثه، ويحمل شهادة في الاقتصاد من جامعة حلب.

مناف قومان، مستشار لشؤون البنية التحتية وإعادة بناء المؤسسات، حاصل على ماجستير في الأسواق المالية من جامعة مرمرة التركية، ويعمل باحثًا في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية".

د. مازن ديروان، عُين مستشارًا أول لوزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية. حاصل على دكتوراه في إدارة الأعمال من "الجامعة الأوروبية" في سويسرا، ويمتلك سجلًا طويلًا في تأسيس وإدارة شركات غذائية وصناعية في الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا.

بداية مختلفة... فهل تنجح؟

تشكيل هذا الفريق يعكس نية واضحة لنقض أساليب الإدارة القديمة، وتبني نهج يعتمد على العلم، الخبرة، والحوكمة الرشيدة. لكن يبقى التحدي الأكبر في ترجمة هذه النوايا إلى سياسات فعّالة وخطط واقعية، قادرة على استقطاب الاستثمارات، واستعادة الثقة، وإعادة عجلة الإنتاج إلى الدوران.

إعادة هيكلة إدارية... وزارة بثلاث هويات موحدة

في خطوة إصلاحية لافتة، أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة السورية عن هيكليتها الإدارية الجديدة، عقب دمجها لثلاث وزارات رئيسية كانت تُشكل سابقًا ركائز النشاط الاقتصادي الحكومي، وهي:

  • وزارة الصناعة
  • وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك
  • وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية

وجاء هذا الإعلان عبر قرار رسمي صدر في 22 نيسان/أبريل، كجزء من جهود الحكومة لإعادة تنظيم أدواتها الاقتصادية وتخفيف التشظي الإداري.

إدارات عامة جديدة بمهام مستقلة

بحسب القرار، تم إنشاء ثلاث إدارات عامة تتبع مباشرة للوزارة، وتحل محل الوزارات السابقة، وهي:

  • الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك
  • الإدارة العامة للاقتصاد
  • الإدارة العامة للصناعة

وتتمتع هذه الإدارات الجديدة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، بحيث يتولى كل منها مهام الوزارة التي كانت قائمة سابقًا، ويشرف على كل إدارة نائب مختص عن الوزير، مما يمنحها درجة من اللامركزية التنفيذية دون الإخلال بالاتساق العام في التوجهات والسياسات.

نحو رؤية متكاملة للنهوض الاقتصادي

في موازاة التعديل الإداري، قدم فريق المستشارين الاقتصاديين التابع للوزارة رؤيتهم لإعادة إحياء الاقتصاد السوري، مع التركيز على تحليل التحديات البنيوية الحالية واقتراح أدوات عملية للتعامل معها.
كل مستشار استعرض المساحة التي يختص بها، من التحول الرقمي إلى إصلاح السياسات التجارية والمالية، مرورًا بملفات التدريب والتأهيل، والسيولة النقدية، وإعادة بناء المؤسسات.

رؤى متعددة وأدوات تنفيذية لمواجهة التحديات الاقتصادية

في إطار الهيكلة الجديدة لوزارة الاقتصاد والصناعة، أشار المستشار الأول لشؤون التجارة الخارجية، مازن ديروان، إلى أن المستشارين الذين عيّنهم الوزير لا يعملون بصيغة "النصيحة الكلاسيكية"، بل كأذرع تنفيذية ضمن مجالات اختصاصهم، تنفيذًا لتوجيهات وزير الاقتصاد، د. محمد نضال الشعار.
وفي منشور له عبر "فيسبوك"، أكد ديروان أن الفريق يعمل ضمن استراتيجية اقتصادية جديدة قائمة على مبادئ اقتصاد السوق الحر التنافسي، كبديل جذري عن الاقتصاد الاحتكاري والبيروقراطي الذي ساد لفترات طويلة، وأدى إلى تشوهات في السوق، وارتفاع الأسعار، وإفلاس خزينة الدولة، وانتشار البطالة والفقر.

تحرير التجارة الخارجية... ومواجهة البيروقراطية

وفيما يتعلق بملف التجارة الخارجية، شدد ديروان على أن ازدهار هذا القطاع لن يتحقق دون إزالة العقبات البيروقراطية والمالية، وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير، والتوجه نحو اتفاقيات تجارية ثنائية مع دول راغبة في التعاون مع سوريا، بما يشمل الاعتراف المتبادل بالوثائق الجمركية لتسريع تدفق السلع. كما دعا إلى قياس أداء العاملين في الموانئ والمنافذ الجمركية لضمان سرعة إنجاز عمليات التخليص والتفريغ.

تفكيك الاحتكارات وإلغاء الرسوم الجمركية على المواد الخام

من بين أولويات ديروان أيضًا، تفكيك جميع أشكال الاحتكارات، بما فيها احتكارات النقل، ومنح المصدرين والمستوردين حرية اختيار الخدمات الأنسب لهم. كما طالب بإلغاء الرسوم الجمركية على المواد الخام والنصف مصنعة، لخفض كلفة الإنتاج المحلي، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة السورية محليًا ودوليًا.
وأكد أن مناخ الأعمال الجديد سيكافئ المجتهدين ويقصي من يستندون إلى أساليب الحماية والامتيازات الموروثة، قائلًا:

"البيئة الاقتصادية القادمة ستكون جنة للمبادرين، وجحيمًا لمن اعتادوا الاستفادة من اقتصاد قائم على الاحتكار والجمود".

رؤية متفائلة... ونهضة ممكنة

عبّر ديروان عن ثقته بقدرة الصناعيين والمزارعين السوريين على مواكبة التغيير والتنافس عالميًا، مضيفًا أن سوريا "الحرة" قد تتحول إلى نموذج في الحرية الاقتصادية، بما يجذب الاستثمارات من الخارج ويخلق فرص عمل كافية للقضاء على البطالة.

خسائر ثقيلة... ومهام جسيمة

يأتي هذا في وقت لا تزال فيه الخسائر الاقتصادية الكلية هائلة، حيث قدرت خسائر قطاع النفط والغاز وحده بـنحو 115 مليار دولار، والزراعة بـ 16 مليار دولار، والصناعة بـ 25 مليار دولار. أما السياحة، التي كانت تدرّ ما يقارب 8.5 مليار دولار سنويًا قبل الحرب، فقد تقلصت إلى حد التلاشي.

فرصة تاريخية لإعادة البناء

من جانبه، اعتبر الدكتور رازي محي الدين، المستشار لشؤون التخطيط والمتابعة، أن سوريا تقف أمام فرصة تاريخية لبناء اقتصاد تنافسي وتحقيق نهضة صناعية وتجارية، شرط الاعتماد على التخطيط العلمي الدقيق، والتحول الرقمي، ودعم القطاع الخاص، واستثمار الكفاءات الوطنية.

دعوة جماعية لبناء سوريا جديدة

أما الباحث مناف قومان، مستشار البنية التحتية وإعادة بناء المؤسسات، فرأى أن النهضة الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق دون تعاون حقيقي بين الحكومة وكل من يؤمن بمستقبل سوريا.
قال قومان:

"لنصنع معًا نهضة اقتصادية، نموذجًا نفتخر به، لتعود سوريا قوية، مزدهرة، وعزيزة بأيدي أبنائها".

تمويل النهضة الصناعية... من الداخل

وفي سياق التمويل، قدّم الخبير الاقتصادي جورج خزام، مستشار شؤون السيولة والنقد، مقترحًا لإنشاء صندوق إقراض بالدولار يستفيد من الإيداعات الإلزامية للمستوردين للسلع الكمالية ونصف الكمالية.
هذا الصندوق سيوجه حصريًا لتقديم قروض بفائدة منخفضة للصناعيين، بما يسمح بزيادة الإنتاج وخلق فرص العمل، وتخفيض الاعتماد على الاستيراد غير المنتج.
يرى خزام أن النتيجة المباشرة ستكون:

  • تراجع الطلب على السلع الكمالية
  • ارتفاع الطلب على المنتج المحلي
  • خفض الطلب على الدولار
  • زيادة في عدد المصانع والورشات

في النهاية: اختبار حاسم للمجموعة الاقتصادية

أمام المجموعة الاقتصادية الجديدة تحدٍّ مزدوج: من جهة، معالجة إرث ثقيل من الدمار والفساد والتضييق الاقتصادي؛ ومن جهة أخرى، إثبات قدرة الدولة على قيادة عملية إصلاح جادة وشاملة تفتح الأبواب أمام الاستثمار، وتعيد بناء الثقة، وتضع سوريا على مسار جديد من الاستقرار والازدهار.

الحكومة السورية تطرق باب المستثمرين السوريين والأجانب… تسهيلات قادمة

29/04/2025

أصدر وزير السياحة السوري "مازن الصالحاني"، قرارًا بإحداث "مركز خدمات المستثمرين"، ليكون جهة تتبع مباشرة للوزير، بهدف تطبيق مبدأ "النافذة الواحدة" في تقديم كافة الخدمات والتسهيلات للمستثمرين وأصحاب المنشآت والمواقع السياحية.
يهدف المركز إلى تذليل العقبات التي تواجه إقامة المشاريع السياحية، تحسين جودة الخدمات، وتبسيط الإجراءات المرتبطة بمنح عقود الاستثمار، رخص الإشادة، تراخيص المكاتب السياحية، وغيرها من التراخيص والخدمات ذات الصلة، بما يضمن تقديمها بطريقة لائقة وفعالة.

تسهيلات وإصلاحات تشريعية مرتقبة

في تصريح حديث لصحيفة "الوطن"، أكد "الصالحاني" أن الوزارة تعمل على حزمة من التسهيلات لجذب المستثمرين السوريين والأجانب، أبرزها تطوير مبدأ النافذة الواحدة، وتعديل قانون الاستثمار، بالإضافة إلى تقديم إعفاءات جمركية وضريبية واسعة.
وأشار الوزير إلى قرب انعقاد "ملتقى الاستثمار السياحي"، الذي سيشهد دعوة المستثمرين للاطلاع على مشاريع جديدة مطروحة للاستثمار، في خطوة تعزز الحراك الاستثماري في القطاع السياحي، الذي يشهد انتعاشًا عالميًا مع تزايد الإقبال على السياحة البديلة والمستدامة.

مهام مركز خدمات المستثمرين

وفقًا للقرار، يتولى المركز مجموعة من المهام الرئيسية، تشمل:

  • تأسيس قاعدة بيانات ديناميكية يتم تحديثها باستمرار، لتضم الخدمات المقدمة للمستثمرين، ومتابعة تطور العمل السياحي في الوزارة.
  • تقديم المعلومات والاستشارات بدقة وفي الوقت المناسب، بما يتعلق بالمواقع المتاحة للاستثمار، وآليات العمل السياحي (تراخيص الفنادق، المطاعم، المكاتب السياحية، مراكز التدريب...).
  • التنسيق مع المديريات المعنية لتزويد المركز بالفرص الاستثمارية المتاحة، وترويجها للمستثمرين المحليين والأجانب.
  • إنشاء سجل مركزي للطلبات يشمل كافة بيانات المستثمرين وأصحاب المنشآت والمشاريع السياحية.

تسهيل الاستثمار وتذليل العقبات

يتكفل المركز بدراسة طلبات استثمار المواقع السياحية، ومتابعة تجهيز الأضابير ودفاتر الشروط التعاقدية اللازمة، بالتنسيق مع الجهات المختصة. كما يتولى متابعة الإجراءات التعاقدية حتى تسليم نسخ عقود الاستثمار المصدقة للمستثمرين، وتسريع منح التراخيص المختلفة.

دعم مستمر للمستثمرين

يشمل عمل المركز أيضًا:

  • المشاركة في المعارض والمؤتمرات والملتقيات المتعلقة بالاستثمار السياحي لتعزيز التواصل مع الفاعلين في القطاع.
  • رفع المقترحات والتوصيات لمعالجة المشكلات التي تواجه المستثمرين والمنشآت السياحية.
  • متابعة الشكاوى والعمل على معالجتها بالتنسيق مع المديريات المعنية، مع الالتزام بإبلاغ أصحاب الشكاوى بنتائج المعالجة.
  • مساعدة المستثمرين في تأمين الكوادر البشرية عبر التنسيق مع الهيئة العامة للتدريب السياحي والفندقي والمراكز والمعاهد الخاصة، من خلال توفير قاعدة بيانات تشمل الخريجين واختصاصاتهم.

السياحة كقاطرة للتنمية الاقتصادية

تأتي هذه الخطوة ضمن توجه أوسع لتعزيز مكانة السياحة كرافعة اقتصادية، إذ تشير التقارير الدولية إلى أن الاستثمار السياحي أصبح من أسرع القطاعات نموًا في العالم. وتعمل العديد من الدول اليوم على تطوير بيئات تشريعية وتنظيمية محفزة، مما يجعل التحرك السوري في هذا الاتجاه مسايرًا للتوجهات العالمية.

سوريا ترفض طلب أي قروض دولية ومباحثات لافتتاح بنك تركي سوري

28/04/2025

أعلن وزير المالية السوري "محمد برنية" أن بعثات دولية ستصل إلى سوريا ابتداءً من اليوم، في إطار “ورشة عمل كاملة للإصلاح المالي والاقتصادي في كافة المسارات والمجالات”. وأكد الوزير أن الهدف من هذه البعثات ليس الحصول على قروض، بل الاستفادة من الخبرات الفنية والدعم المؤسساتي دون أن تطلب سوريا تمويلًا جديدًا من هذه الهيئات.

موقف الحكومة من القروض الدولية

قال الوزير في لقائه مع قناة “الشرق” إن سوريا ليست معنية بطلب قروض من المؤسسات الدولية، بل بتأمين مساعدات فنية وتقنية تسهم في إعادة بناء النظام المالي والمصرفي وفق معايير الشفافية والاستدامة.

الطاولة المستديرة برعاية السعودية

بينما ذكر "برنية" أن “الطاولة المستديرة” التي عُقدت حول سوريا على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين كانت حدثًا غير مسبوق، ويعود الفضل في جمع هذا العدد من المسؤولين رفيعي المستوى إلى جهود المملكة العربية السعودية.

حوار مع صندوق النقد الدولي

نشر الوزير عبر “لينكد إن” أنّه التقى بـ "إدريان توبياس"، مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بصندوق النقد الدولي، وفريقه. وقد تم خلال الاجتماع مناقشة عدة محاور، من بينها:

  • تعزيز إطار السياسة النقدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
  • دعم الاستقرار المالي وتحديث البنية التحتية للأسواق المالية.
  • تطوير أسواق النقد والرأسمال وتقوية قدرات الإشراف التنظيمي.
    واتفق الجانبان على إرسال بعثة تقييم أولي إلى دمشق لتشخيص احتياجات القطاع المالي وتحديد أولويات الدعم.

خطوات لتعميق التعاون المصرفي مع تركيا

من جهته، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي "عبد القادر حصرية" عبر “لينكد إن” عن لقائه محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان. ناقشا سبل تعميق الروابط الاقتصادية بين البلدين، ولا سيما إمكانية افتتاح أول فرع لبنك تركي في سوريا، في خطوة يرى أنها قد تكون “جسرًا مهمًا للتجارة والاستثمار وجهود إعادة الإعمار”.

تحديات الاقتصاد السوري وفرص التعافي

تعرض الاقتصاد السوري لأضرار كبيرة خلال سنوات النزاع والعقوبات:

  • تراجع الناتج المحلي فقد انكمش اقتصاد البلاد بنحو 84% مقارنة بما كان عليه قبل عام 2010، مع أن أكثر من 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
  • الاحتياطيات الأجنبية ضئيلة وتُقدَّر بنحو 200 مليون دولار بالإضافة إلى 26 طناً من الذهب.
  • قطاعات النفط والسياحة والزراعة أُصيبت بشلل شبه كامل.
    هذه الأرقام تؤكد خطورة الوضع المالي والاقتصادي، وتبرز مدى الحاجة إلى الدعم الدولي والتنسيق مع مؤسسات التمويل العالمية لضمان عودة تدريجية ومستدامة للنشاط الاقتصادي والمالي.

أهمية البيانات الاقتصادية الموثوقة

في تصريحات لمديرة صندوق النقد الدولي خلال الاجتماعات الأخيرة، شددت على أن أي خطة لإعادة الإعمار والإصلاح يجب أن تستند إلى بيانات اقتصادية موثوقة، سواء بشأن الإيرادات العامة أو احتياطيات العملة الأجنبية أو هيكل تكلفة الخدمات، الأمر الذي يجعل بعثات التقييم المتنوعة خطوة أساسية قبل المضي في أي برنامج دعم.

عرض رؤية التعافي وإعادة الإعمار

قبل يومين، قدمت الحكومة السورية رؤيتها للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، حيث ركزت على:

  1. إعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية من طرق ومحطات كهرباء وشبكات مياه.
  2. دعم القطاع الخاص وتسهيل وصوله إلى التمويل.
  3. استعادة الأصول المجمدة وزيادة رواتب القطاع العام كجزء من جهود تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي

هذه الخطوات والمبادرات تشكل شبكة عمل متكاملة بين الحكومة السورية، والمؤسسات المالية الدولية، وشركاء إقليميين كالسعودية وتركيا، وتضع الأساس لإطلاق مسار إصلاحي طويل الأمد يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق نمو مستدام.

المهاجرون العائدون إلى سوريا… خزان اقتصادي يجب استثماره

23/04/2025

تشهد سوريا في الآونة الأخيرة عودة متقطعة للمهجرين واللاجئين، وهي عودة يرى البعض أنها تسير بوتيرة مقبولة، في حين يعتبرها آخرون دون المستوى المأمول. وفي ظل هذا التباين في التقييم، تبرز الحاجة إلى بيئة ملائمة تضمن استدامة العودة وتعزز مساهمة المهجرين في إعادة بناء سوريا المستقبل.

وهكذا فإن استغلال اللاجئين السوريين العائدين كخزان اقتصادي ثمين يتطلب استراتيجية وطنية شاملة تستند إلى الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز بيئة العمل، وتوفير البنية التحتية اللازمة. فيما يلي أبرز المحاور التي يمكن من خلالها تحويل عودة اللاجئين إلى فرصة اقتصادية حقيقية:​

1. الاستثمار في رأس المال البشري

يُعد اللاجئون العائدون من الدول المضيفة، خاصة من أوروبا، مصدرًا غنيًا بالمهارات والخبرات المكتسبة في مجالات متعددة مثل الهندسة، الطب، التعليم، والحرف اليدوية. يمكن توظيف هذه الخبرات في إعادة بناء القطاعات الحيوية في سوريا، مما يسهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي.​

2. دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة

تشجيع العائدين على تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة من خلال تقديم قروض ميسرة، وتسهيلات ضريبية، وبرامج تدريبية، يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد المحلي. مثل هذه المبادرات تسهم في تقليل معدلات البطالة وتحفيز النمو الاقتصادي.​

3. تعزيز التحويلات المالية والاستثمار من المغتربين

تشجيع السوريين في الخارج على تحويل أموالهم واستثمارها في مشاريع داخل سوريا يمكن أن يوفر مصادر تمويل إضافية. تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية وتسهيل الإجراءات القانونية يمكن أن يعزز من حجم هذه التحويلات والاستثمارات.​

4. إعادة تأهيل البنية التحتية

توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، المياه، والصرف الصحي في المناطق التي يعود إليها اللاجئون ضروري لضمان استقرارهم وتمكينهم من المشاركة الفعالة في الاقتصاد. الاستثمار في البنية التحتية يعزز من جودة الحياة ويشجع على العودة المستدامة.​

5. تعزيز التعاون الدولي

التعاون مع المنظمات الدولية والدول المانحة لتوفير الدعم المالي والتقني يمكن أن يسهم في تنفيذ المشاريع التنموية وإعادة الإعمار. هذا التعاون يعزز من قدرة سوريا على استيعاب العائدين واستغلال إمكاناتهم الاقتصادية.​

قضية إنسانية بمفاعيل اقتصادية

يصف الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي أزمة المهجرين واللاجئين السوريين بأنها من أعقد الأزمات الإنسانية في العالم المعاصر، مشيرًا إلى أن نظام الأسد ترك وراءه إرثًا مثقلًا بالنزوح الداخلي واللجوء إلى دول الجوار (لبنان، الأردن، العراق، وتركيا) وكذلك إلى دول الشتات في أوروبا والعالم.

وأوضح قوشجي أن هذه الهجرة القسرية ولّدت آثارًا اجتماعية ونفسية واقتصادية عميقة، سواء على الأفراد أو على الدول المستضيفة، مما يجعل من معالجة هذا الملف أولوية إنسانية واقتصادية في آنٍ معًا.

الواقع القائم والتحديات الراهنة

في حديثه لصحيفة "الوطن"، استعرض قوشجي الأوضاع المزرية التي يعيشها العديد من المهجرين داخل سوريا، حيث ما يزال آلاف الأشخاص يقيمون في مخيمات تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من خدمات صحية وتعليمية، في ظل غياب البنية التحتية.

أما في دول الجوار، فتتفاقم التحديات مع تزايد الضغوط السياسية والاجتماعية التي يتعرض لها اللاجئون، لاسيما في لبنان والعراق، حيث تعاني هذه الدول أصلاً من أزمات اقتصادية عميقة تؤثر على قدرتها في توفير الحد الأدنى من الخدمات.

وعلى المستوى العالمي، أوضح الخبير أن بعض اللاجئين تمكنوا من الاندماج وتحقيق الاستقرار، لكن شريحة واسعة منهم لا تزال تواجه أوضاعًا معيشية صعبة، تحت وطأة خطر الترحيل والتهميش والتمييز العنصري.

الإعمار: التحدي الأكبر

يرى قوشجي أن إعادة المهجرين إلى مدنهم وقراهم المدمّرة يتطلب مجهودًا هائلًا لإعادة الإعمار، وتوفير خدمات أساسية من مياه وكهرباء ومراكز صحية وتعليمية، بالإضافة إلى خلق فرص عمل تعزز من استقرارهم بعد العودة. ويضيف أن تكلفة إعادة الإعمار تتطلب تمويلًا ضخمًا واستثمارات طويلة الأجل، بالتوازي مع دعم نفسي واجتماعي للعائدين للتغلب على آثار الحرب الطويلة.

حلول اقتصادية مقترحة

قدم الدكتور قوشجي جملة من المقترحات لمعالجة قضية المهجرين، أبرزها:

  • إنشاء صندوق وطني لإعادة الإعمار بتمويل مشترك بين القطاع العام والخاص والمجتمع المحلي، بالإضافة إلى مساهمة المنظمات الدولية والمغتربين السوريين.
  • تحفيز المستثمرين على الدخول في مشاريع إعادة الإعمار من خلال حوافز مالية وضريبية، تتيح خلق فرص عمل في المناطق المتضررة.
  • إطلاق مشاريع صغيرة وتنموية في المناطق المستقرة لخلق حراك اقتصادي محلي يعزز من عودة المهجرين واستقرارهم.
  • توفير قروض ميسرة ودعم ريادة الأعمال، خاصة لمن فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم.
  • التركيز على إعادة بناء البنية التحتية، لا سيما في قطاعي التعليم والصحة، كأساس لعودة كريمة ومستدامة.
  • إدماج اقتصادي واجتماعي حقيقي للمهجرين من خلال برامج تدريب مهني، ودعم نفسي، ومبادرات مجتمعية تشجع على التفاعل والتكامل مع السكان المقيمين.

أفكار مبتكرة لتعزيز الاستقرار

من بين الأفكار التي يراها قوشجي ضرورية، استثمار الأراضي المهجورة في مشاريع زراعية مجتمعية قابلة للاستدامة، وتوفير عقود تضمن تسويق منتجاتها محليًا، بالإضافة إلى إنشاء مناطق اقتصادية خاصة تهتم بالطاقة المتجددة والزراعة العضوية، وتوفير بيئة عمل للمهجرين تسهم في تحقيق التنمية المحلية.

كما دعا إلى تطوير أدوات تمويل جماعية (Crowdfunding) لدعم المهجرين الراغبين في إطلاق مشاريع إنتاجية صغيرة، بالتوازي مع تعزيز التعاون بين السكان الأصليين والعائدين، سواء عبر مشاركة الموارد أو الخبرات.

نحو رؤية شاملة ومستدامة

ختم الدكتور قوشجي حديثه بالتأكيد على أن معالجة أزمة المهجرين السوريين تتطلب رؤية وطنية متكاملة، ترتكز على الاستثمار في رأس المال البشري، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتفعيل التعاون الدولي. فحل هذه الأزمة لا يكمن فقط في توفير العودة، بل في ضمان عودة كريمة ومنتجة تساهم في بناء وطن ينعم بالاستقرار والعدالة.

استيراد بلا ضوابط… سوق السيارات في سوريا في فوضى عارمة

ليست عشرات الأسواق فقط، بل مئات، تلك التي ظهرت في سوريا لتجارة السيارات المستعملة. فالشوارع والساحات العامة في المدن السورية تحولت إلى أسواق مفتوحة على كافة الاحتمالات، مدفوعة برغبة عارمة لدى المواطنين في امتلاك سيارة، بعد سنوات طويلة من القيود والإجراءات المعقدة التي فرضتها سياسة النظام القائمة على الثلاثية الشهيرة: "منع، قيد، حصر".

ومع القرار الأخير الصادر عن وزارة النقل مطلع العام الحالي، والذي يسمح باستيراد جميع أنواع السيارات دون شروط بيئية أو فنية دقيقة، باستثناء شرط واحد فقط يتمثل بألا يكون قد مضى على تصنيع السيارة أكثر من 15 عاماً، فقد انفتحت أبواب السوق السورية أمام سيارات من مختلف دول العالم، دون أي اعتبار لبلد المنشأ أو حالة السيارات الفنية، أو حتى مستوى السلامة العامة، ما يهدد بتحويل شوارع البلاد إلى مقابر متحركة نتيجة تقادم السيارات وضعف البنية التحتية.

هذا القرار، الذي بررته الحكومة بحاجتها الماسة إلى تحصيل عوائد جمركية تعالج بها العجز المتفاقم في الموازنة، جاء مصحوباً بتخفيض كبير في الرسوم الجمركية وصل إلى نحو 80%، ما أثار علامات استفهام حول جدواه الاقتصادية، مقارنةً بالأضرار الجسيمة التي قد يخلفها، سواء على مستوى سلامة المواطنين، أو على استنزاف العملة الأجنبية في البلاد.

بالتزامن مع هذه الإجراءات، تشهد سوريا تدفقاً كبيراً للسيارات المستعملة من أوروبا والخليج والولايات المتحدة ودول شرق آسيا، حيث وجدت الأسواق السورية بيئة خصبة لتصريف ما تم استبعاده في بلدانها الأصلية بسبب عدم تلبيتها لمعايير الأمان أو البيئة، أو نتيجةً للتوجه نحو السيارات الكهربائية والحديثة. هذا الواقع يزيد من حدة الفوضى، ويفاقم مشكلات التسعير العشوائي، في ظل غياب واضح لأي ضوابط أو معايير تنظيمية تحكم حركة البيع والشراء.

ووسط هذه الفوضى، تتضح حقيقة ضياع فرصة ثمينة كان من الممكن استثمارها في تطوير منظومة نقل عامة حديثة، أو توجيه عائدات الجمارك لاستثمارها في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة، أو حتى لتحسين مستويات الدخل وتفعيل عجلة الاقتصاد والإنتاج.

وهكذا فقد باتت أسواق السيارات السورية ليست سوى فوضى منظمة؛ فوضى في الاستيراد، وفوضى في التسعير، وفوضى في التخطيط، يدفع ثمنها المواطن السوري أولاً وأخيراً.

سوريا تتحول إلى مكب سيارات لدول أخرى:

حين تُفتح الحدود السورية أمام سياراتٍ مضى على تصنيعها 15 عاماً، فهذا القرار يحمل تداعيات ستظهر سريعاً عبر زيادة الحوادث، وتدهور الحالة الفنية للمركبات، وارتفاع نسبة التلوث، فضلاً عن زيادة استهلاك الوقود في بلدٍ يفتقر إلى أبسط معايير السلامة البيئية والبنى التحتية الملائمة.

بل إن الأمر يصبح أكثر خطورة مع الحديث عن آلاف المركبات المصنعة في عامي 2007 و2008، أو ما يُعرف بالسيارات "المقصوصة" أو "الغارقة"، وهي سيارات ذات مستوى أمان وجودة منخفضة للغاية، دخلت البلاد من البحر أو عبر شمال سوريا، وربما من دول مثل الإمارات أو من أسواق مجاورة أخرى عبر معبر نصيب، لتجد في السوق السورية مكاناً لها بدلاً من معامل إعادة تدوير المعادن في بلدانها الأصلية.

وبعيداً عن وصف المشهد بـ "المرعب"، تبرز تساؤلات ضرورية حول الحجم الهائل من النقد الأجنبي الذي خرج وسيخرج من البلاد لتمويل هذه العمليات من الاستيراد المفتوح، دون قيود أو شروط واضحة. فما هو الأثر الحقيقي لهذا النزيف المالي على الاقتصاد السوري، في وقت كان يمكن توجيه هذه الأموال إلى قطاعات أكثر أهمية وإنتاجية؟ وكيف سيؤثر ذلك على سعر صرف الليرة السورية، التي فقدت الكثير من قيمتها بسبب استمرار استنزاف الدولار بهذه الطريقة؟

كما أن الاعتقاد بأن مالك السيارة وحده من يتحمل تكلفتها هو أمر خاطئ تماماً، فكل السوريين سيدفعون الثمن، سواء من خلال ارتفاع أسعار المنتجات نتيجة ارتفاع تكلفة النقل والوقود، أو عبر زيادة الطلب على العملات الأجنبية، مما سيؤدي إلى مزيد من انهيار العملة المحلية. كما أن الخزينة العامة للدولة ذاتها ستخسر كثيراً، بعد تخفيض الرسوم الجمركية والسماح بهذه الفوضى.

في الختام، قد يجادل كثيرون بأن من حق السوريين امتلاك سيارات بأسعار معقولة، والاستمتاع بشيء من الرفاهية بعد عقود طويلة من الحرمان والقيود الاقتصادية. ولعل في وجهة النظر هذه ما يستحق الاعتبار، شرط ألا تتحول هذه الرغبة إلى ذريعة تستنزف ما تبقى من موارد المواطنين، وتحوّل الشوارع السورية إلى مقابر ضخمة لسيارات العالم القديم.

هذا يعني أن من الضروري إعادة النظر سريعاً في شروط استيراد السيارات، سواء من ناحية سنة الصنع، أو المواصفات الفنية، أو بلد المنشأ، وإجراء تعديل عاجل على القرار الارتجالي السابق الذي اتخذته حكومة تصريف الأعمال السابقة. والمطلوب الآن إصدار قرار مدروس يضع رؤية واضحة ومستدامة لمنظومة النقل في سوريا، يحفظ سلامة المواطنين، ويحدّ من استهلاك الوقود والتلوث، ويعيد في الوقت نفسه حقوق الخزينة العامة التي ضاعت مع تخفيض الرسوم الجمركية.

ويبقى من الضروري التحذير من أن سياسة الباب المفتوح التي طالت قطاع السيارات قد تفتح مستقبلاً الباب واسعاً أمام استيراد الآلات والمعدات الصناعية المستعملة، بشروط قد تؤدي إلى تدمير الإنتاج والجودة في سوريا، لتتحول المصانع إلى ساحات للخردة، مثلما تحولت الشوارع اليوم إلى مستودعات ضخمة للسيارات الرديئة.

انتعاش الصناعة السورية منذ 2025… بيانات حديثة كشفتها الحكومة

22/04/2025

أظهرت أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والصناعة السورية مؤشرات إيجابية في نشاط قطاعي الصناعة والحرف خلال الربع الأول من العام الحالي، مع منح تراخيص لإنشاء 345 منشأة صناعية جديدة و80 مشروعاً حرفياً، وتوفير أكثر من 4,600 فرصة عمل مباشرة.

1. تصاريح المشروعات الصناعية

  • إجمالي المنشآت المرخصة: 345 منشأة صناعية، وفرت عند انطلاقها 4,242 فرصة عمل.
  • توزيع القطاعات:
    • الكيميائيّات: 117 منشأة (27% من الإجمالي)، استوعبت 911 عاملًا.
    • النسيج: 94 منشأة (27% تقريباً)، توفّر 2,068 فرصة عمل (ما يعادل 49% من إجمالي العمالة الجديدة).
    • الغذائية: 76 منشأة (22%)، أسهمت في تشغيل 887 عاملاً.
    • الهندسية: 64 منشأة (19%)، موّلت 376 وظيفة.

يُعزى هذا التوسع إلى تركيز الحكومة على إعادة تأهيل القدرات الإنتاجية القائمة بدلاً من البدء من الصفر، ما يسرّع زمن تشغيل المنشآت ويخفض تكاليف البنية التحتية.

2. تصاريح المشروعات الحرفية

  • إجمالي التراخيص: 80 مشروعاً حرفياً جديداً، موّلت 385 فرصة عمل.
  • التوزيع القطاعي:
    • كيميائيّات حرفية: 27 منشأة بتشغيل 111 عاملاً (29% من إجمالي العمالة الحرفية).
    • هندسية حرفية: 27 منشأة موّلت 145 عاملاً (38%).
    • نسيج حرفي: 12 منشأة بتشغيل 92 عاملاً (24%).
    • غذائية حرفية: 14 منشأة وفرت 37 فرصة عمل (9%).

يحمل دعم القطاع الحرفي أهمية خاصة في توفير فرص عمل متناهية الصغر والمتوسطة، والحفاظ على الحرف التقليدية وتعزيز قيمة الصادرات اليدوية.

3. المحفزات الحكومية

أُرسيّت حوافز عدة لتعزيز الاستثمار الصناعي والحرفي، أبرزها:

  • الحوافز الضريبية بموجب قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، الذي يمنح إعفاءات وضوابط واضحة لضريبة الدخل والرسوم الجمركية للمنشآت الصناعية التي تستخدم مكوّنات محلية أو تصدر جزءاً من إنتاجها.
  • تسهيل الإجراءات عبر “مركز خدمات المستثمرين” ليكون نافذة وحيدة لاستكمال التراخيص والرخص.
  • إمكانية نقل الأرباح وتحويلها بالقطع الأجنبي عبر المصارف السورية المعتمدة، بما يعزّز الثقة بإطار الأعمال.

4. التحديات والفرص

رغم الأرقام الإيجابية، يواجه المستثمرون السوريون عدة معوقات:

  • العقوبات الدولية التي تحدّ من قدرتهم على الحصول على تمويل ميسر من الخارج.
  • أوضاع الطاقة يتطلب تأمين إمدادات متواصلة من الكهرباء والوقود.
  • اختناقات المواد الأولية الناتجة عن الاعتماد على خطوط إنتاج محلية أو مستوردة عبر بدائل معقدة.

في المقابل، تتيح سوريا:

  • قاعدة استهلاك محلية واسعة مع أكثر من 18 مليون نسمة، وعائدات تصديرية محتملة للأسواق المجاورة.
  • مناطق صناعية مطورة في عدرا والشيخ نجار ودرعا، مزوّدة بشبكات طرق وطرق حديدية تربطها بالحدود ومعابر التصدير.
  • شراكات محتملة مع منظمات تنموية دولية وصناديق تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

5. نظرة مستقبلية

تشير المؤشرات إلى اتجاه مستدام نحو ازدهار القطاع الصناعي والحرفي في سوريا، بشرط:

  1. ترجمة التراخيص إلى تشغيل فعلي عبر توفير المدخلات اللازمة (طاقة، تمويل، خبرات فنية).
  2. تعزيز الإطار القانوني لضمان عدم تمييز المستثمرين وتقييد البيروقراطية.
  3. توسيع الشراكات الدولية لتوفير خطوط تمويل بديلة تحت آليات تحفظ الامتثال للعقوبات.

إذا نجحت هذه العناصر معاً، فقد يتجاوز حجم الصناعة السورية حاجز 20% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2025، مع خلق آلاف الوظائف ودعم إعادة الإعمار والتنمية الشاملة.

تركيا تبدي اهتمامها بإعادة تشغيل موانئ سوريا المتوقفة

في إطار المساعي التركية لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع دمشق، قاد نائل أولباق، رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEIK)، وفداً اقتصادياً رفيع المستوى إلى العاصمة السورية دمشق برفقة وزير التجارة عمر بولاط، حيث أجرى الوفد خلال يومين من المباحثات اتصالات مكثفة مع كبار المسؤولين السوريين لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاستثمار والتجارة.

دوافع وأهداف الزيارة

  • إعادة تشغيل منشآت قائمة: بيّن وزير النقل السوري أن هناك عدداً من الموانئ والمنشآت البحرية الخاملة حالياً، مع دعوته للمستثمرين الأجانب لتولي إدارتها وتأهيلها بما يسهم في إعادة إطلاقها بسرعة دون الحاجة لبناء مشاريع جديدة من الصفر.
  • الانطلاق السريع: أكد أولباق أن الميزة الأساسية تكمن في كون هذه المنشآت موجودة بالفعل، ما يقلص زمن الاستثمار المطلوب ويُسرّع تحقيق العائد الاقتصادي على المدى القصير والمتوسط.
  • شراكة شاملة: تطرّق وزير التجارة التركي إلى استئناف العمل بالاتفاقية الجمركية السابقة واستعداد بلاده للتفاوض على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع سوريا، تشمل الجوانب الصناعية والاستثمارية.

نبذة عن التطورات الاقتصادية الأخيرة

  • إعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الثنائية الموقعة عام 2004، مما يمهد الطريق لتسهيل حركة السلع والخدمات بين البلدين.
  • تجديد عقد إدارة محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية مع إحدى الشركات العالمية لمدة ثلاثين عاماً، في خطوة تعكس رغبة دمشق في إشراك كبار المشغلين الخارجيين لتحديث البنية التحتية المينائية.

محفظة الموانئ السورية وفرص الاستثمار

تشرف مديرية شؤون الموانئ في سوريا على ثمانية موانئ رئيسية، لكلٍ منها خصوصيته واحتياجه للاستثمار:

  1. مرفأ اللاذقية
    • المرفأ التجاري الرئيسي على البحر المتوسط، استؤنفت منه شحنات القمح مؤخراً لأول مرة منذ سنوات، ما يعزز استئناف طرق الإمداد البحري.
    • قبل النزاع كان يعالج أكثر من 8 ملايين طن من البضائع سنوياً.
    • محطة الحاويات تعمل بنظام الشراكة مع شركة دولية، وتضم عدة أرصفة وأحواض تخزين حديثة.
  2. مرفأ طرطوس
    • ثاني أكبر الموانئ التجارية بعد اللاذقية، ويضم قاعدة بحرية ونقطة دعم فني لوجستي لأسطول بحري دولي.
    • تبلغ طاقته الاستيعابية نحو 4 ملايين طن من البضائع وعشرات الآلاف من الحاويات سنوياً.
    • شهد المؤخر إلغاء عقد إدارة سابقة مع شركة أجنبية، ما يفتح الباب أمام فرص تشغيل جديدة للمستثمرين الأتراك والدوليين.
  3. مرفأ المصب النفطي (بانياس)
    • متخصص في عبور النفط ومنتجاته، ويحظى بأهمية استراتيجية لاستيراد وتصدير المشتقات النفطية.
  4. مرفأ الطاحونة (طرطوس)
    • مرفأ صغير مخصَّص للصيد البحري والنزهات، ويمكن تطويره لخدمات سياحية ومينائية متخصصة.
  5. مرفأ جبلة
    • يُستخدم حالياً من قِبَل مجتمع الصيادين المحليين، مع إمكانية إنشاء وحدات لصيانة القوارب وتخزين معدات الصيد.
  6. المينا البيضا
    • تحوّل إلى ثكنة وميناء عسكري، ويمكن دراسة إعادة تخصيص جزء منه لاستقبال مراكب خفيفة وتعزيز الخدمات اللوجستية المدنية.
  7. مرفأ أرواد
    • يستقبل الزوار بكثرة ويستخدم في صناعة السفن التقليدية، مع ارتباط بحركة النقل المائي مع طرطوس.
  8. مرفأ الطاحونة (طرطوس)
    • إضافة ثانية للطاحونة؛ يركّز على خدمات ركوب القوارب والاصطياد، مع إمكانية توسيع الأنشطة السياحية.

التحديات والمحفزات

  • التحديات:
    • عقوبات دولية تحد من سهولة الحصول على تمويل خارجي، وتتطلب تدابير ضمان مثل خطابات الاعتماد عبر بنوك وسيطة.
    • حاجة إلى تأمين بيئة أمنية مستقرة وإجراء عمليات إزالة الألغام في بعض المناطق الساحلية.
  • محفزات الاستثمار:
    • الأصول البينية التحتية القائمة تقلل من المخاطر الزمنية والتكلفة الرأسمالية مقارنةً بمشاريع الإنشاء الجديدة.
    • القرب الجغرافي من الموانئ التركية الكبرى وشبكات النقل البرية والبحرية يتيح ربطاً سلساً بالأسواق الإقليمية.
    • إمكانية الشراكة مع جهات دولية متعددة الأطراف للحصول على تمويل ميسر وضمانات سياسية.

النظرة المستقبلية

يشكّل قطاع الموانئ السورية فرصة استراتيجية لأنقرة لتعزيز دورها كمركز لوجستي إقليمي وربط أسواق العراق ولبنان والأردن بالبحر المتوسط عبر شراكة في إعادة تشغيل هذه المرافئ. ونجاح هذه المبادرة يُتوقع أن يرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات تتجاوز ملياري دولار سنوياً، ويدعم جهود إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي في سوريا.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات متعلقة: