خبراء يقولون إن سوريا تعاني من الركود التضخمي فما معناه وأين تكمن خطورته؟

24/07/2020

الركود التضخمي هو مصطلح اقتصادي حديث ظهر في سبعينيات القرن الماضي، ويوصف بأنه أشبه بعاصفة من الكوارث الاقتصادية التي تطيح باقتصاد البلد الذي تصيبه، يشمل مصطلح الركود الاقتصادي ارتفاع نسب البطالة المترافق مع التضخم وبطء النمو الاقتصادي.

أول ظهور لهذا المصطلح كان خلال فترة الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة بسبب أزمة النفط عام 1973، حيث شهدت البلاد حينها تضخماً متزايداً وتباطؤ اقتصادي في نفس الوقت، وقد كان من المستحيل مسبقاً أن تترافق هاتين المشكلتين بآن واحد من وجهة نظر خبراء الاقتصاد، حيث صُدم اقتصاديو العالم حينها بحقيقة أن العلاقة بين التضخم والبطالة ليست عكسية دائماً وبالتالي من الممكن أن يتزامن التضخم المتصاعد مع النمو المتباطئ...!

فالجميع كان يؤمن قبل أزمة السبعينات بالمبادئ التي وضعها الاقتصادي البريطاني الشهير "جون ماينارد كينز" والتي تنص على أن التضخم هو نتيجة ثانوية للنمو الاقتصادي، فالبنسبة لـ"كينز" الأمر كله متعلق بالعرض والطلب، بمعنى أنه حين يرتفع الطلب تزداد الأسعار ويحدث التضخم، لكن ما لم يدركه أتباع هذه النظرية هو أن هناك قوة اقتصادية أخرى يمكنها أن تتسبب في انزلاق أقدام التضخم إلى دوامة تصاعدية يصعب الخروج منها.

إذن فدخول اقتصاد بلد ما في حالة ركود تضخمي معناه أن الناتج المحلي الإجمالي إما ينمو بمعدل بطيء جداً أو أنه يتقلص، والنتيجة المتوقعة لهذه الحالة هي ارتفاع البطالة على خلفية استغناء الشركات عن جزء من موظفيها في سعيها نحو خفض نفقاتها، بالتالي فسيقلل ذلك من القدرة الشرائية للمستهلكين وتتراجع معها معدلات الإنفاق وهو ما ينتج عنه تباطؤ النمو الاقتصادي بمعدلات أكبر، أي أنه بشكل أو بآخر فستكون الإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة التباطؤ الاقتصادي هي ذاتها التي تعمق من الأزمة.

ما هو تفسير حدوث الركود التضخمي؟

قدم علماء الاقتصاد تفسيرين رئيسيين لإيضاح أسباب هذه المشكلة:

أولاً: يمكن أن ينتج الركود التضخمي عندما يواجه الاقتصاد زيادة سريعة في كمية العرض تشكل ما يسمى ب "صدمة العرض"، فتؤدي هذه الحالة إلى زيادة سريعة في الأسعار ينتج عنها تباطئ النمو الاقتصادي مما يجعل الإنتاج أكثر تكلفة وأقل ربحية.

ثانيًا: يمكن للحكومة أن تكون هي السبب في حدوث ركود تضخمي إذا ما اتبعت سياسات اقتصادية تضر بالصناعة بينما تزيد المعروض النقدي بسرعة كبيرة.

ما الذي يجعل الركود التضخمي وضعاً خطيراً للغاية؟

إن ارتفاع معدل البطالة بدايةً سيكون له دور بالضرورة على خفض سيولة المستهلكين، وإذا أضفنا إلى هذه المشكلة زيادة نسب التضخم الذي سيقضي على ما تبقى من قوتهم الشرائية المحدودة، سيكون الناتج هو وضع سيئ للغاية يؤدي إلى خلق بيئة اقتصادية شبه ميتة تزداد فيها الأسعار بشكل طردي مع انخفاض قدرة المستهلك الشرائية.

فما نشاهده في سورية من ارتفاع مستمر في أسعار البضائع التي لم يعد عليها طلب وأصبحت خارج قدرة المواطن الشرائية أساساً، وحالة من العطب أصابت القطاعات الإنتاجية وسببت بطئ شديد في النمو الاقتصادي هو أحد أشكال الركود التضخمي.

شارك رأيك بتعليق

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
سومر ابراهيم
3 سنوات

شكرا دائما على المعلومات والمعرفة المقدمة من قبلكم والتحليلات المفيدة.
انتم الموقع الاول ولن يكون بعدكم اي موقع من حيث الافادة وتقديم مايغني .
شكرا لكم دائما ولكل العاملين بالموقع

مقالات متعلقة: