ليس إلى الذهب ولا اليورو أو الدولار، بل يهرع الأثرياء الروس مؤخرًا نحو قطاع العقارات، وخصوصًا في تركيا والإمارات، بحثًا عن ملاذ آمن في أعقاب حرب موسكو على أوكرانيا وفرض حزم العقوبات الغربية.
وعلى الرغم من أن تركيا والإمارات كانتا من بين منتقدي الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن للبلدين علاقات جيدة نسبيا مع موسكو، وما زالا يُسيّران رحلات جوية مباشرة، وهو ما يجعلها ملجأ آمن يجذب الكثير من رؤوس الأموال الروسي بحسب العديد من الشركات العقارية.
وتتضمن العقوبات المفروضة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، استبعاد روسيا من نظام سويفت المصرفي واستهداف الكثير من رجال الأعمال الأثرياء الذين ينظر إليهم على أنهم مقربون من الرئيس "فلاديمير بوتين"، ويدعمون الغزو.
لماذا تركيا والإمارات بالتحديد؟
إضافةً إلى موقفهما المحايد وسياستهما التي تقتضي قبول المصلحة المالية مهما كان مصدرها، تقدم تركيا والإمارات حوافز إقامة لمستثمري العقارات.
ففي تركيا، يمكن للأجانب الذين يدفعون 250 ألف دولار مقابل عقار ويحتفظون به لمدة ثلاث سنوات الحصول على جواز سفر تركي. ومقابل مبلغ أصغر قليلا، تقدم دبي، التي تعتبر أحد مركز الأعمال الرئيسية في الشرق الأوسط، تأشيرة إقامة لمدة ثلاث سنوات.
وتغلب على الطلبات الشقق التي تبلغ قيمتها 750 ألف درهم (205 آلاف دولار)، وهو ما يمثل الحد الأدنى لاستحقاق التأشيرة، ولكن العقارات الأغلى يتم شراؤها بما يصل إلى ستة ملايين درهم، مثل الجزر الصناعية وفقا لمتخصصين في العقارات.
وصرّح أحد مسؤولي شركة (مودرن ليفينج) في دبي قائلًا: "في بداية غزو أوكرانيا أطلقنا حملة في المنطقة ووصل عدد من تواصلوا معنا أعلى بعشرة أمثال على الأقل من المعتاد".
وأضاف أن المستثمرين الأغنياء الروس بدا أنهم يقومون باستعدادات وحولوا الأموال إلى خارج بلادهم حتى قبل اندلاع الحرب قبل شهر.
وتبرر بعض شركات العقارات التعامل مع هؤلاء المشترين بأنهم أثرياء لكن ليسوا من المقربين لبوتين، حيث إنهم يجدون سبلا لتحويل أموالهم خارج البلاد.
لماذا قطاع العقارات دون غيره؟
واجه بعض الروس الذين وصلوا مؤخرا إلى تركيا صعوبات في عمليات الإيداع والتحويلات بسبب فرض عقوبات على عدة بنوك روسية كما زاد من تلك الصعوبات الاستبعاد من فيزا وماستركارد.
لذلك، وهربًا من القيود التي تطال النقد، فقد هرعوا إلى أصل يحافظ على القيمة ولا يمكن استهدافه بالعقوبات بسهولة، حيث اشترى الروس 509 منزل في تركيا، وهو ما يقرب من ضعفي العدد الذي اشتروه العام الماضي.
وهذه البيانات هي منذ فبراير/شباط، مع احتشاد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية وقبل أن تتقدم، وفقا لمكتب الإحصاءات في البلاد. أما حاليًا، فمن المتقوقع أن الأرقام أكبر بكثير.
هذا ويطلق بعض المستثمرين على العقار لقب "الابن البار"، فعلى الرغم من أنه تأتي أوقات يكون فيها الاستثمار العقاري في حالة سيئة لكنه سرعان ما يرجع لترتفع أسعاره ومكاسبه بقوة.
ويعد الاستثمار العقاري من أفضل أنوع الاستثمار عندما يكون في دولة ذات سياسة وسيادة، والمقصود بذلك أن الدولة مستقلة اقتصادياً ولا يوجد بها مشاكل داخلية أو مشاكل خارجية أو حروب ونزاعات.
بالإضافة إلى ذلك فالاستثمارات العقارية لا تتوقف على عملية البيع والشراء فقط، بل يمكن شراء العقار وتأجيره فترة من الزمن حتى تجد فرصة مناسبة لبيعه بمكسب جيد. لذلك يعد الاستثمار العقاري من أدوات الدخل السلبي التي تدر على صاحبها المال بمجرد امتلاكها.
معاملات العقارات في تركيا تبلغ أرقامًا ضخمة:
شهدت تركيا إنجاز 416 ألف و784 معاملة بيع عقارات خلال أول شهرين من العام الحالي 2022.
وأفادت وكالة الأناضول نقلاً عن مصادر بوزارة البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي، أن يناير/ كانون الثاني الفائت، شهد إنجاز 199 ألف و111 معاملة لبيع العقارات، فيما ارتفع الرقم إلى 217 ألف و673 معاملة خلال فبراير/ شباط 2022.
وبلغ إجمالي المعاملات خلال أول شهرين من العام الحالي، 416 ألف و784 معاملة. إذ نالت الشقق السكنية النصيب الأكبر من المعاملات بواقع 176 ألف و46، تلتها الأراضي بـ 72 ألف و833.
وتصدرت إسطنبول قائمة الولايات التركية في عدد المعاملات بواقع 55 ألف و167 معاملة، تلتها العاصمة أنقرة بـ 27 ألف و559 ثم إزمير بـ 23 ألف و103 معاملة.