مزارع الطاقة الشمسية بالفضاء... اختراع قد يوفر الكهرباء للبشرية بالكامل بدون قطرة نفط

03/11/2022

مزارع الطاقة الشمسية في الفضاء... لربما أن الكلام في هذا الموضوع قد يبدو للوهلة الأولى نوعًا من الخيال العلمي، أو الفرضيات التي قد نراها في المستقبل البعيد، لكن الأمر لم يعد كذلك بعد الآن، فقد توصلت البشرية فعلًا إلى خطة لحصاد الطاقة الشمسية من الفضاء وإرسالها إلى الأرض باستخدام موجات كهرومغناطيسية شديدة الدقة.

وعلى الرغم من أنها ما زالت حتى الآن مجرد خطة إلا أنها ليست كلامًا على ورق بل مشروع قابل للتنفيذ بجدارة. إذ يقول "مارتن سولتاو"، الرئيس المشارك في مبادرة الطاقة الفضائية (SEI)، القائمة على تعاون بين الأكاديميين والعاملين في القطاع، إنها يمكن أن تُنفّذ بحلول عام 2035.

كوكبة من الأقمار صناعية الضخمة:

في الأساس، تعمل مبادرة الطاقة الفضائية على مشروع يسمى "كاسيوبيا" Cassiopeia، وهو يقوم على خطة لوضع كوكبة من الأقمار الصناعية الكبيرة جدا في مدار أرضي مرتفع.

ومهمة تلك الأقمار ستكون بمثابة آلة الحصاد، فتعمل على تجميع الطاقة الشمسية من الفضاء وإرسالها مرة أخرى إلى الأرض.

إمكانات وآفاق غير محدودة... إمداد البشرية كاملةً بالكهرباء:

في معرض حديثه عن المشروع، يقول "سولتاو" إن الإمكانات والاحتمالات غير محدودة تقريبا، و"من الناحية النظرية، يمكن أن تزود تلك الأقمار الصناعية العالم بأسره بكامل الطاقة التي يحتاجها في عام 2050".

ويمضي للقول: "هناك مساحة كافية في مدار الأرض للأقمار الصناعية التي تعمل بالطاقة الشمسية، وبطبيعة الحال فإن إمدادات الطاقة الشمسية هائلة، إذ يتلقى جزء صغير من المنطقة حول المدار الثابت بالنسبة للأرض، أكثر من 100 ضعف سنويا، من كمية الطاقة التي يتوقع أن تستخدمها البشرية كلها في عام 2050".

آلية العمل:

تتكون الأقمار الصناعية من مئات الآلاف من الوحدات الصغيرة المتطابقة التي يتم إنتاجها في المصانع على الأرض، ثم يتم تجميعها في الفضاء بواسطة روبوتات مستقلة، ستكون مسؤولة أيضا عن أعمال الخدمة والصيانة لتلك الأقمار.

بعد ذلك تُحوّل الطاقة الشمسية التي تجمعها الأقمار الصناعية إلى موجات راديو عالية التردد، وتُبث إلى جهاز استقبال هوائي مُعالج على الأرض، يعمل بدوره على تحويل موجات الراديو تلك إلى كهرباء.

ويمكن لكل قمر صناعي توفير حوالي 2 غيغاواط من الطاقة في الشبكة، مما يجعل كل قمر صناعي يمكن مقارنته بمحطة طاقة نووية من حيث إنتاج الطاقة.

ينتشر ضوء الشمس هنا على الأرض، مارا عبر الغلاف الجوي، لكن في الفضاء يأتي مباشرة من الشمس من دون أي تدخل.

لذلك يمكن أن تجمع الألواح الشمسية الفضائية قدرا أكبر من الطاقة مقارنة بلوح شمسي ذي حجم مماثل على الأرض.

الدول والحكومات مهتمة بالفعل بهذا النوع من المشاريع:

الاهتمام بمشاريع حصاد الطاقة من الفضاء لا يقف عند المراكز العلمية والمختبرات، بل تتم مناقشة الأمر بجدية في أروقة الساسة والاجتماعات الحكومية.

على سبيل المثال، وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت المملكة المتحدة عن تمويل تبلغ قيمته 3 ملايين جنيه إسترليني لمشاريع الطاقة الشمسية الفضائية (SBSP)، بعد دراسة هندسية أجرتها شركة الاستشارات "فريزر- ناش" Frazer-Nash والتي خلصت إلى أن هذه التكنولوجيا قابلة للتطبيق.

وتأمل مبادرة الطاقة الفضائية SEI التي تحدثنا عنها بدايةً في الحصول على جزء كبير من تلك الأموال.

أما في الولايات المتحدة، فيعمل مختبر أبحاث القوات الجوية (AFRL) على بعض التقنيات الهامة اللازمة لمثل هذا النظام، في مشروع يُعرف باسم الأبحاث والتوضيحات التدريجية للطاقة الشمسية الفضائية (SSPIDR).

وتشمل التقنيات التي يعمل عليها المشروع، تحسين كفاءات الخلايا الشمسية، وتشكيل الحزمة الشعاعية وتحويل التردد من الطاقة الشمسية إلى موجات الراديو، بالإضافة إلى تقليل التقلبات الكبيرة في درجات الحرارة على مكونات المركبات الفضائية، وإنشاء تصميمات للهياكل القابلة للنشر في الفضاء.

وفي أواخر العام الماضي، أظهر الفريق بنجاح مكونات جديدة لما يسمى بـ"ساندويش تايلز" sandwich tiles، وهي عبارة عن ألواح مؤلفة من ثلاث طبقات تستخدم لتحويل الطاقة الشمسية إلى موجات راديو.

أليس خطرًا على البشر التعرض لهذه الأشعة واستخدمها؟

قد تبدو أشعة الموجات الكهرومغناطيسية شديدة الدقة، أو ما يعرف بأشعة الميكروويف، مقلقة، ولكن استخدامها على الأرض أثبت أنها فعالة وآمنة على كل من البشر والحياة البرية.

في هذا الصدد يقول "سولتاو": "الشعاع عبارة عن موجة شديدة القصر والدقة، لذا فهو يشبه شبكة واي فاي wi-fi التي نستخدمها طوال الوقت، وهو منخفض الشدة، إذ تبلغ شدته ربع شدة شمس منتصف النهار".

ويتابع موضحًا: "إذا كنت على خط الاستواء في الصحراء، يكون حجم الطاقة التي يمكن الحصول عليها حوالي 1000 واط لكل متر مربع، أما بالنسبة لهذه الألواح فحجم الطاقة هو الربع تقريبا أي حوالي 240 واط لكل متر مربع. لذلك فهي آمنة بطبيعتها".

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: