5 شروط لكي يستطيع الاقتصاد السوري الانتعاش والنهوض من جديد

12/08/2020

تدهور الاقتصاد السوري خلال ما يزيد عن 9 سنوات من الحروب والأزمات المتتالية ليصل إلى نسب مهولة من التراجع والانكماش رافقها تضخم هائل في الأسعار بالتزامن مع تضاؤل مستويات الأجور، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من حينها بما يقارب ال 50 ضعف مقابل العملة السورية.

رافق هذا الانهيار الاقتصادي تعقيدات أخرى سياسية وعقوبات دولية جعلت من الوضع أكثر سوءًا، فلم يعد للرفاهيات والكماليات أو حتى بعض أساسيات الحياة مكان في قاموس الفقراء الذين تجاوزت نسبتهم 85% من إجمالي الشعب.

لكن وبالرغم من ذلك فهذه ليست النهاية بالنسبة للاقتصاد السوري، فسورية بلد غني يمتلك ثروات طبيعية لا يستهان بها وأراضي خصبة معطاءة بالإضافة إلى موقع جغرافي مميز، فهو مؤهل بكل معنى الكلمة لأن ينافس أقوى الاقتصاديات في منطقة الشرق الأوسط فيما لو تمت إدارة موارد البلد وثرواته بالشكل الصحيح، ولنا في التجربة الماليزية واليابانية خير مثال، علماً أن سورية تمتلك مؤهلات طبيعية تفوق اليابان، لذلك فالانتعاش بالاقتصاد السوري – ولو على المدى المتوسط أو الطويل -  ليس بالأمر المستحيل لكنه يتطلب بعض الشروط التي سنأتي على ذكرها أدناه:

1- حل التعقيدات الدولية التي ترافق الأزمة السورية:

لا يمكن الحديث عن أي انتعاش اقتصادي مرتقب للبلد على المدى القريب أو البعيد، بدون حل المشاكل والتعقيدات السياسية التي تحيط في سورية من جميع الجهات، فالاقتصاد القوي القويم لا يقوم ولا يزدهر إلا على أرضية سياسية صلبة ومتينة توفر له الاستقرار وتعطي المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الأمان والشجاعة لاستثمار أموالهم في سوريا وتحريك عجلة الاقتصاد السوري، بدون الخوف من عقوبات دولية أو من ضياع استثماراتهم وسيولتهم التي أنفقوها على الضرائب والرشاوي والإتاوات لأصحاب السلطة والقوة.

2- تنشيط حركة الإنتاج، ووضع خطط مدروسة للاستيراد والتصدير:

البلد الذي لا ينتج لن يتطور، قاعدة بسيطة لكنها مهمة فالإنتاج هو الخطوة الأولى للاكتفاء الذاتي وتنشيط اليد العاملة والقضاء على البطالة، ومن ثم دعم حركة التصدير التي سوف تستجر العملة الصعبة للبلد وتدعم اقتصاده.

يجب أن يكون الاستيراد والتصدير ضمن خطط مدروسة وبشكل واقعي ليكون الهدف من العملية ليس تحقيق المكاسب لخزينة الدولة فحسب، بل خلق حالة من التوازن في السوق بحيث لا تؤثر حركة الاستيراد والتصدير على غلاء الأسعار ومعدلات التضخم ولا تتسبب بفقدان المنتجات الأساسية التي يحتاجها عامة الناس بحجة تصديرها للخارج.

3- البحث عن العقول الفذة وتسليمها ذمام الأمور:

لن تتطور البلد وينتعش اقتصادها طالما يتحكم أصحاب الرشاوي والوساطات والمحسوبيات في أجهزة الدولة، ولن تحدث حركة تجارة سليمة تعتمد على المنافسة الشريفة طالما أن تجار المافيات وزعماء الاستخبارات الفاسدون هم من يسيطرون على حركة التجارة والتهريب والاستيراد والتصدير والجمارك.

الأمر بسيط بل إنه بديهي، فسوريا لا تخلو من أصحاب العقول النيرة والعلماء والخبراء في الداخل أو الخارج، والمطلوب هو تشجيعهم لاستثمار قدراتهم فيما يخدم المجتمع والشعب ككل، بدلاً من التضييق عليهم وتركهم يرتمون في بدان المهجر واحداً تلو الآخر، هاربين من العقلية الأمنية والمعاملة السيئة التي يكابدونها في أوطانهم.

4- التخلص من كافة أنواع التبيعة السياسية والاقتصادية:

حتى نكون واقعيين، يجب أن ندرك بأنه مهما امتلكت سوريا من ثروات باطنية وطبيعية وموارد وباقي مؤهلات النمو الاقتصادي فإنها لن تشهد انتعاشاً اقتصادياً حقيقياً قبل أن تتخلص من كافة أشكال التبعية للخارج، ولا يمكن إنكار أن تسع سنوات من الحرب فرضت على سوريا تبيعة من مختلف الجهات التي كانت تدعم الأطراف المتصارعة، لذلك فإن أهم نقطة في النهوض بالاقتصاد هي تحقيق الاستقلال والسيادة الحقيقيين لسوريا وهذه وظيفة السياسيين على أي حال.

5- خطة اقتصادية تنموية واضحة:

العمل العشوائي والتدخلات الاعتباطية السريعة لا تحمل أي فائدة للاقتصاد السوري، فما نحتاج له في سورية للرجوع إلى مستويات ما قبل الحرب فضلاً عن التفكير في التطور والريادة هو خطط واستراتيجيات واضحة يتم تطبيقها على المدى الطويل، بعيداً عن سياسة التصريحات الفارغة و "إبر المخدر" التي أصبحت مكشوفة ومل الناس سماعها.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: