هل ينتظر الاقتصاد السوري أيام عصيبة بسبب انفجار ميناء بيروت؟

10/08/2020

من البديهي أن يحمل تفجير ميناء مهم كميناء بيروت ضرر أو أثر على سورية والاقتصاد السوري بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن ما يتخوف منه الجميع ليس الأثار الواضحة البديهية، لأنها بشكل أو بآخر متوقعة وسيمكن التعامل معها، لكن ما يتم الحذر بشأنه هنا هو محاولة استغلال هذه الأزمة من طرف ضعاف النفوس وتجار الأزمات أولاً وإمكانية أنها تحمل في طياتها بالفعل آثار وانعكاسات خفية لن تظهر مباشرةً ثانياً.

انقسم الخبراء في تحليلاتهم لهذه الأزمة بين متشائم ومطمأن ومحذر، وذلك في ظل غياب تقرير أو إبلاغ حكومي صريح يوضح لأي درجة كان الاقتصاد السوري معتمداً على ميناء بيروت، سواءً من ناحية حركة الاستيراد والتصدير أو حركة العبور والترانزيت.

لذلك وبهدف الوصول إلى نظرة كاملة للصورة سنعرض عليكم تباعاً أهم الآراء المثارة حول هذا الموضوع من طرف خبراء اقتصاديين.

1- سيتأثر الاقتصاد السوري حتماً وبشكل واضح بتفجير ميناء بيروت:

قالت وزيرة الاقتصاد السورية السابقة، "لمياء عاصي" في تصريح لوكالة “سبوتنيك” اليوم السبت، إن الاقتصاد السوري سيتأثر حتما بكارثة مرفأ بيروت، وصرحت: “أعتقد أن نسبة من البضائع التي كانت بالمرفأ تعود للسوريين فهم تضرروا كثيرا من هذا الانفجار”.

حيث أوضحت بأن الاقتصاد السوري وبسبب الحصار المفروض عليه سلفاً مع تطبيق قانون قيصر سيعاني بشكل مضاعف بعد الانفجار الأخير الذي نسف هذا "المرفأ الحيوي" الذي كان يعد بمثابة "الرئة الاقتصادية لسورية"، فمن خلال ميناء بيروت كان يمكن استجرار البضائع السورية إلى لبنان وإعادة تصديرها للخارج.

وتابعت قائلةً: “وما لم يتم رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، سيزيد البؤس في حياة الشعب السوري المنهك أساسا من حرب دامت عشر سنوات ومستمرة”.

هذا وقد لفتت الوزيرة السابقة النظر إلى أنه يمكن للمرافئ السورية في كل من طرطوس واللاذقية أن تشكل "حلولا آنية معقولة"، من حيث الأرصفة المتوفرة والمستودعات وعمق الأحواض، إذ أن مرفأ طرطوس مثلاً يتضمن حوالي 22 رصيفاً ومستودعات والعمق في بعض الأحواض يصل إلى 13 متراً، لكن “المشكلة الكبرى اليوم تكمن في العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على سوريا والتي سوف تعيق حركة التجارة وأي إمكانية لتكون المرافئ السورية بديلا آنيا لمرفأ بيروت ويحل جزءا هاما من المشكلة”.

2- الأثر الفعلي من تفجير بيروت سيتكبده التاجر السوري، وليس الاقتصاد السوري:

وضح الباحث الاقتصادي الدكتور "عمار يوسف" في تصريح له لإحدى وسائل الإعلام السورية وجهة نظره، بأن تفجير بيروت لن يكون له ذلك التأثير الكبير – غالباً – على الاقتصاد السوري كدولة، حيث أن المتضرر الأكبر هم التجار السوريون الذين يستوردون أغلب بضائعهم عبر ميناء بيروت.

لذلك من أجل فهم الأثر الاقتصادي الصحيح لهذا التفجير، لا بد من التفريق بين أثره على الدولة السورية ككل وعلى التجار السوريين، فقال: :"فيما يتعلق بتأثيره على الدولة السورية التي تستورد حالياً الحاجات الأساسية من قمح ومواد غذائية وذرة بيضاء وصويا والتي يتم استيرادها عن طريق مرفأي “اللاذقية” و “طرطوس”، أما بالنسبة لاستيراد المواد التقنية وقطع غيار السيارات والمواد الكمالية الأخرى وغيرها، سيكون للتفجير تأثيره على التاجر، فالكثير من التجار يستوردون عن طريق ميناء “بيروت” وستكمن خسارتهم من خلال التوقف عن الاستيراد، إضافة للأضرار التي لحقت بالبضائع السورية الموجودة بأرض المرفأ وعلى السفن المتضررة عند حدوث التفجير".

حيث قدر "يوسف" خسائر التجار السوريين بأكثر من مليار دولار.

هل سيكون لتفجير بيروت أثر على سعر صرف الليرة السورية؟

يتجه أغلب الخبراء والمراقبون إلى القول أنه لا ينبغي أن يوجد أي أثر مباشر لتفجير ميناء بيروت على سعر صرف الليرة السورية، ما عدا استغلال بعض تجار الأزمة والمضاربون التوتر والحالة النفسية السيئة التي تسود الوسط الاقتصادي في عمليات مضاربة ورفع معتمد للأسعار بدون مبرر مباشر سوى الصيد في الماء العكر.

لكن لو صح وصف وزيرة الاقتصاد السورية السابقة لميناء بيروت بأنه كالرئة للاقتصاد السوري، فإن التدهور الاقتصادي التدريجي الناتج عن خروج الميناء عن العمل أمر غير مستبعد وستكون كل تلك التطمينات أعلاه بلا قيمة في ظل واقع يفرض نفسه.

لكن – ولحسن الحظ – فلا يوجد حتى الآن أي مؤشرات تدعم وجهة النظر المتشائمة، ما عدا فقدان الليرة السورية بعض من قيمتها بشكل بطيء وهو أمر متوقع بعد انتهاء موسم العيد وركود حركة الحوالات الخارجية.

شارك رأيك بتعليق

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات متعلقة: